للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر أن في سنده مجاهيل.

وأبو حنيفة ينعقد النكاح عنده بشهادة فاسقين؛ لأن المقصود عنده بالشهادة هو الإعلان فقط. والشافعيّ يرى أن الشهادة تتضمّن المعنيين: أعني الإعلان، والقبول، ولذلك اشترط فيها العدالة. وأما مالك فليس تتضمّن عنده الإعلان إذا وُصّيَ الشاهدان بالكتمان.

وسبب اختلافهم هل ما تقع فيه الشهادة ينطلق عليه اسم السرّ، أم لا؟.

والأصل في اشتراط الإعلان قول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالدفوف". أخرجه أبو داود (١). وقال عمر فيه: هذا نكاح السرّ، ولو تقدّمت فيه لرجمت.

وقال أبو ثور، وجماعة: ليس الشهود من شرط النكاح، لا شرط صحّة، ولا شرط تمام. وفعل ذلك الحسن بن عليّ، روي عنه تزوّج بغير شهادة، ثم أعلن بالنكاح. انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن الأرجح كون المعتبر في النكاح هو الإعلان، سواء كان بإشهاد شاهدين، أو بإعلانه بغير ذلك؛ لأنه لا تثبت أحاديث وجوب الإشهاد في النكاح، وإنما يثبت أحاديث إعلان النكاح، كحديث: "أعلنوا النكاح"، وهو حديث حسنٌ، أخرجه أحمد، وابن حبّان في "صحيحه" من حديث عبد اللَّه بن الزبير. وحديث: "فصل ما بين الحلال والحرام الدفّ، والصوت في النكاح"، حديث حسن أخرجه المصنّف برقم -٧٢/ ٣٣٧٠، والترمذيّ، وابن ماجه. والحاصل أن الواجب هو إعلان النكاح، سواء كان بالإشهاد، أو بغير ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه إنيب".


(١) هذا خطأ، والصواب أخرجه الترمذيّ رقم ١٠٨٩. وقال: حديث غريب، وعيسى بن ميمون الأنصاريّ يضعّف في الحديث.
(٢) "بداية المجتهد" ٢/ ١٧ - ١٨.