للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وغيره أنه دخل على سودة بمكّة.

وأخرج الطبرانيّ من وجه آخر عن عائشة قالت: "لما هاجر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وأبو بكر خَلَّفَنا بمكة، فلما استقر بالمدينة، بعث زيد بن حارثة، وأبا رافع، وبعث أبو بكر عبد اللَّه بن أُرَيقط، وكتب إلى عبد اللَّه بن أبي بكر أن يحمل معه أم رومان، وأم أبي بكر، وأنا وأختي أسماء، فخرج بنا، وخرج زيد، وأبو رافع بفاطمة، وأمّ كلثوم، وسودة بنت زمعة، وأخذ زيد امرأته أم أيمن، وولديها أيمن، وأسامة، واصطحبنا، حتى قدمنا المدينة، فنزلت في عيال أبي بكر، ونزل آل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عنده، وهو يومئذ يبني المسجد وبيوته، فأدخل سودة بنت زمعة أحد تلك البيوت، وكان يكون عندها، فقال له أبو بكر: ما يمنعك أن تبني بأهلك؟ فبنى بي … " الحديث.

قال الماورديّ: الفقهاء يقولون: تزوّج عائشة قبل سودة، والمحدّثون يقولون: تزوّج سودة قبل عائشة، وقد يُجمع بينهما بأنه عقد على عائشة، ولم يدخل بها، ودخل بسودة.

قال الحافظ: والرواية التي ذكرتها عن الطبرانيّ ترفع الإشكال، وتوجّه الجمع المذكور. واللَّه أعلم.

وقد أخرج الإسماعيليّ من طريق عبد اللَّه بن محمد بن يحيي، عن هشام، عن أبيه "أنه كتب إلى الوليد: إنك سألتني متى توفّيت خديجة؟ وإنها توفّيت قبل مخرج النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من مكة بثلاث سنين، أو قريب من ذلك، نكح النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - عائشة بعد مُتَوَفَّى خديجة، وعائشةُ بنت ستّ سنين، ثم إن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - بني بها بعد ما قدم المدينة، وهي بنت تسع سنين". وهذا السياق لا إشكال فيه، ويرتفع به ما تقدّم من الإشكال أيضًا. واللَّه أعلم. وإذا ثبت أنه بني بها في شوّال من السنة الأولى من الهجرة قوِيَ قولُ من قال: إنه دخل بها بعد الهجرة بسبعة أشهر. وقد وهّاه النوويّ في "تهذيبه"، وليس بواهٍ إذا عددناه من ربيع الأول، وجزمه بأن دخوله بها كان في السنة الثانية يُخالف ما ثبت أنه دخل بها بعد خديجة بثلاث سنين. وقال الدمياطيّ في "السيرة" له: ماتت خديجة في رمضان، وعقد على سودة في شوّال، ثم على عائشة، ودخل بسودة قبل عائشة. انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تحرر بما سبق أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - تزوج عائشة قبل سودة، ودخل بسودة قبل عائشة - رضي اللَّه عنهما -، وهذا هو الجمع السديد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


= علي شاة، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة، كان يرسل بها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، إذا دار إلى نسائه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين. انتهى "المسند" ٦/ ٢١٠ - ٢١١. وهذا إسناد صحيح، إلا أنه مرسل.
(١) "فتح" ٧/ ٦٢٩ - ٦٣٠. "كتاب مناقب الأنصار".