ثور، وأبي عُبيد، والجمهور، قالوا: فإن زوّجها لم يصحّ. وقال الأوزاعيّ، وأبو حنيفة، وآخرون من السلف: يجوز لجميع الأولياء، ويصحّ، ولها الخيار إذا بلغت، إلا أبا يوسف، فقال: لا خيار لها.
واتفق الجمهور على أن الوصيّ الأجنبيّ لا يزوّجها. وجوّز شُريحٌ، وعروة، وحمّادٌ له تزويجها قبل البلوغ. وحكاه الخطّابيّ عن مالك أيضًا.
قال:(واعلم): أن الشافعيّ، وأصحابه قالوا: يُستحبّ أن لا يزوّج الأب والجدّ حتى تبلغ، ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج، وهي كارهةٌ. وهذا الذي قالوه: لا يخالف حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -؛ لأن مرادهم أنه لا يزوّجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحةٌ ظاهرةٌ يخاف فوتها بالتاخير، كحديث عائشة، فيستحبّ تحصيل ذلك الزوج؛ لأن الأب مأمور بمصلحة ولده، فلا يفوّتها.
قال: وأما وقت زفاف الصغيرة المزوّجة، والدخول بها، فإن اتّفق الزوج والوليّ على شيء لا ضرر فيه على الصغيرة عُمل به، وإن اختلفا، فقال أحمد، وأبو عُبيد: تجُبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها. وقال مالك، والشافعيّ، وأبو حنيفة: حدّ ذلك أن تُطيق الجماع، ويختلف ذلك باختلافهنّ، ولا يُضبط بسنّ، وهذا هو الصحيح، وليس حديث عائشة تحديدًا، ولا المنع من ذلك فيمن أطاقته قبل تسع، ولا الإذن فيه لمن لم تُطقه، وقد بلغت تسعًا. قال الداوديّ: وكانت عائشة قد شبّت شَبابًا حسنًا - رضي اللَّه تعالى عنها - انتهى كلام النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- (١). وهو تحقيق نفيس جدًّا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن النضر بن مساور" المروزيّ، صدوق [١٠] ٧٠/ ٢٣٤٧.
و" جعفر بن سليمان" الضُّبَعيّ، أبو سليمان البصريّ، صدوق زاهد، يتشيّع [٨] ١٤/ ١٤. والباقون تقدّموا في السند الماضي.
وقوله:"لسبع سنين" هكذا في هذه الرواية، وكذا هو عند مسلم من طريق معمر، عن الزهريّ، عن هشام، وكذا في رواية حماد بن سلمة عند أحمد -رحمه اللَّه تعالى- في "مسنده"، ولفظه: