اطلبوا أمرهنّ (في) شأن (أَبضَاعِهِنَّ) يحتمل أن يكون -بفتح الهمزة- جمع بُضع-بضمّ، فسكون- بمعنى التزويج. ويحتمل أن يكون بكسر الهمزة، مصدر أبضع: إذا زوّج.
قال الفيّوميّ -رحمه اللَّه تعالى-: الْبُضْعُ جمعه أَبْضاعٌ، مثلُ قُفْل وأقفال، يُطلق على الفرج، والجماع، وُيطلق على التزويج أيضًا، كالنكاح يُطلق على العقد، والجماع. وقيل: البُضْع مصدر أيضًا، مثل السُّكْر، والْكُفْر، وأبضعتُ المرأةَ إبضاعًا: زوّجتها. وتُزوّجُ النساءُ في أبضاعهنّ، يُروى بفتح الهمزة، وكسرها، وهما بمعنى، أي في تزويجهنّ، فالمفتوح جمعٌ، والمكسور مصدرٌ، من أبضعتُ، ويقال: بَضَعَها يَبْضَعُها -بفتحتين-: إذا جامعها، ومنه يقال: مَلَكَ بُضْعَها: أي جِمَاعها، والبِضَاع: الجماعُ وزنًا ومعنىً، وهو اسم من باضَعَها مُبَاضَعَةً. انتهى كلام الفيّوميّ (١).
(قِيلَ) وفي رواية البخاريّ: أنها قالت: يا رسول اللَّه، إن البكر تستحي" (فَإِنَّ الْبِكْرَ تَسْتَحِي، وَتَسْكُتُ، قَالَ: هُوَ) أي السكوت المفهوم من "تسكت" (إِذْنُهَا) وفي رواية البخاريّ: "رضاها صَمْتها". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٣٤/ ٣٢٦٧ - وفي "الكبرى" ٣٠/ ٥٣٧٦. وأخرجه (خ) في "النكاح" ٥١٣٧ و"الإكراه" ٥٩٤٦ و"الحيل" ٦٩٧١ (م) في "النكاح" ١٤٢٠ (د) في "النكاح" ٢٠٩٣ (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٣٦٦ و ٢٤٧٩٦.
وأما بقية المسائل المتعلّقة بالحديث، فقد تقدّمت قبل بابين في شرح حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٣٢٦٨ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ -وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ- قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «لَا تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ, وَلَا تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ, قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ»).
(١) راجع "المصباح المنير" في مادّة بضع.