صحبةً، وله قصّة مع عمر في ميراث سالم مولى أبي حُذيفة، ذكرها البخاريّ في "تاريخه". وقد أطلت في هذا الموضع، لكن جرّ الكلام بعضه بعضًا، ولا يخلو من فائدة انتهى.
(أَنَّ أَباهَا زَوّجَهَا، وَهِيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ) ووقع في رواية الثوريّ المذكورة: "قالت: أنكحني أبي، وأنا كارهة، وأنا بكر"، والأول أرجح، فقد ذكر الحديث الإسماعيليّ من طريق شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم، فقال في روايته:"وأنا أريد أن أتزوّج عمّ ولدي"، وكذا أخرج عبد الرزّاق، عن معمر، عن سعيد بن عبد الرحمن الجحشيّ، عن أبي بكر بن محمد "أن رجلًا من الأنصار تزوّج خنساء بنت خدام، فقُتل عنها يوم أحد، فأنكحها أبوها رجلًا، فأتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت: إن أبي أنكحني، وإن عمّ ولدي أحبّ إليّ".
فهذا يدلّ على أنها كانت ولدت من زوجها الأول. قال الحافظ: واستفدنا من هذه الرواية نسبة زوجها الأول، واسمه أنيس بن قتادة، سماه الواقديّ في روايته من وجه آخر عن خنساء. ووقع في "المبهمات اللقطب القسطلانيّ أن اسمه أسير، وأنه استُشهد ببدر، ولم يذكر له مستندًا.
قال: وأما الثاني الذي كرهته، فلم أقف على اسمه إلا أن الواقديّ ذكر بإسناد له أنه من بني مُزَينة. ووقع في رواية ابن إسحاق، عن الحجّاج بن السائب بن أبي لبابة، عن أبيه، عنها أنه من بني عمرو بن عوف. وروى عبد الرزّاق، عن ابن جريج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عبّاس: "أنّ خدامًا أبا وَديعة أنكح ابنته رجلًا، فقال له النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: لا تكرهوهنّ، فنكحت بعد ذلك أبا لبابة، وكانت ثيّبًا". وروى الطبرانيّ بإسناد آخر عن ابن عبّاس، فذكر نحو القصة، قال فيه: "فنزعها من زوجها، وكانت ثيّبًا، فنكحت بعده أبا لبابة". وروى عبد الرزّاق أيضًا عن الثوريّ، عن أبي الحويرث، عن نافع بن جبير، قال: "تأيمت خنساء، فزوّجها أبوها … " الحديث، نحوه، وفيه "فردّ نكاحه، ونكحت أبا لبابة".
قال الحافظ: وهذه أسانيد يَقْوَى بعضها ببعض، وكلّها دالّةٌ على أنها كانت ثيّبًا. نعم أخرج النسائيّ (١) من طريق الأوزاعيّ، عن عطاء، عن جابر: "أن رجلًا زوّج ابنته، وهي بكر من غير أمرها، فأتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ففرّق بينهما". وهذا سندٌ ظاهره الصحة، ولكن له علّة، أخرجه النسائيّ من وجه آخر عن الأوزاعيّ، فأدخل بينه وبين