للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عطاء إبراهيم بن مرّة، وفيه مقال، وأرسله، فلم يذكر في إسناده جابرًا.

وأخرج النسائيّ أيضًا (١)، وابن ماجه من طريق جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أن جارية بكرًا أتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكرت أن أباها زوّجها، وهي كارهةٌ، فخيرها". ورجاله ثقات، لكن قال أبو حاتم، وأبو زرعة: إنه خطأ، وإن الصواب إرساله. وقد أخرجه الطبرانيّ، والدارقطنيّ من وجه آخر عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عبّاس، بلفظ: "أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -ردّ نكاح بكر، وثيّب، أنكحهما أبوهما، وهما كارهتان". قال الدارقطنيّ: تفرّد به عبد الملك الذماريّ، وفيه ضعف، والصواب: عن يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر، عن عكرمة مرسل (٢).

وقال الحافظ أبو الحسن ابن القطّان الفاسيّ في "بيان الوهم والإيهام"- بعد أن صحّح رواية أن خنساء كانت ثيّبًا-: ما نصّه: فأما قصّة الجارية البكر التي زوّجها أبوها، وهي كارهة، فأخرى (٣)، تظاهرت بها الروايات، من حديث ابن عمر، وجابر، وابن عبّاس، وعائشة - رضي اللَّه عنهم -

ذكر منها أبو داود حديث ابن عباس، وهو صحيح، ولا يضرّه أن يُرسله بعض رواته، إذا أسنده من هو ثقة. وليس لخنساء عنده ذكرٌ إلا بما تقدّم من أنها ثيّبٌ، ولا تَعدم في حديث ابن عباس هذا من تُرجّح روايته مرسلًا على رواية من رواه مُسندًا، كذلك فعل أبو داود، والدارقطنيّ عن طريقة لهما قد عُلمت، والصواب غيرها.

وقد يُظنّ أن جرير بن حازم منفردٌ عن أيوب بوصله بزيادة ابن عباس فيه، وليس كذلك، بل قد رواه عن أيوب كذلك زيد بن حِبَّان، ورواه أيضًا عن الثوريّ، عن أيوب بذلك. ولن تَعدم أيضًا من يظنّ به اضطرابًا في متنه، فإن لفظ الموصول: أن جارية بكرًا، ذكرت أن أباها زوّجها، وهي كارهةٌ، فخيّرها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. وفي لفظ المرسل عن عكرمة: "فردّ نكاحها"، وروي: "ففرّق بينهما".

وهذا مُجتمِعٌ، غيرُ متناقض، وإنما المعنى: فلم يُلزمها ذلك، فإنه إذا خيّرها، فقد ردّ الإلزام، وتركها لما ترى.

قال: والمتقرّر أن هناك قصّتين: قصّة خنساء، وهي كانت ثيّبًا، وقصّة هذه الجارية، وهي كانت بكرًا انتهى كلام ابن القطّان -رحمه اللَّه تعالى- (٤).


(١) "أي في "الكبرى" ٣/ ٢٨٤ رقم ٥٣٨٧.
(٢) "فتح" ١٠/ ٢٦٤.
(٣) يعني أنها قصّة أخرى، غير قصّة الخنساء.
(٤) "بيان الوهم والإيهام" ٢/ ٢٤٩ - ٢٥٠ رقم الحديث ٢٤٥.