للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جرير بن حازم بوصله (١).

والحاصل أن حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - صحيح موصولًا، فيؤيّد حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - المذكور في الباب.

(ومنها): ما أخرجه أحمد، والدارقطنيّ، من حديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى - عنهما بإسناد رجاله ثقات، ولفظ أحمد من طريق عمر بن حسين بن عبد اللَّه، مولى آل حاطب، عن نافع، مولى عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن عمر، قال: توفي عثمان بن مظعون، وترك ابنة له من خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص، قال: وأوصى إلى أخيه، قُدامة بن مظعون، قال: عبد اللَّه: وهما خالاي، قال: فمضيت إلى قدامة بن مظعون، أخطب ابنة عثمان بن مظعون، فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة- يعني إلى أمها- فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبيا، حتى ارتفع أمرهما إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال قدامة بن مظعون: يا رسول اللَّه، ابنة أخي أوصى بها إلي، فزوجتها ابن عمتها، عبد اللَّه بن عمر، فلم أُقَصِّر بها في الصلاح، ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة، وإنما حطت إلى هوى أمها، قال: فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هي يتيمة، ولا تُنكَح إلا بإذنها"، قال: فانتُزِعَت -واللَّه- مني بعد أن ملكتها، فزوجوها المغيرة بن شعبة.

والحاصل أن حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - صحيح بهذه الشواهد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا تفرّد به المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-٣٦/ ٣٢٧٠ - وفي "الكبرى" ٣٣/ ٥٣٩٠. وأخرجه (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٤٥٢٣. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): دلّ حديث الباب على أن البكر البالغة إذا زُوّجت بغير إذنها لم يصحّ العقد عليها، وإليه ذهب الأوزاعيّ، والثوريّ، والحنفيّة، وحكاه الترمذيّ عن أكثر أهل العلم. وخالف في ذلك مالك، والشافعيّ، والليث، وابن أبي ليلى، وأحمد، وإسحاق، فقالوا: يجوز للأب أن يزوّجها بغير استئذان، ويردّ عليهم ما تقدم من الأحاديث (٢).

والحاصل أن المذهب الأول هو الحقّ؛ لوضوح أدلّته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) انظر "التعليق المغني على سنن الدارقطنيّ" ٣/ ٢٣٥.
(٢) راجع "نيل الأوطار" ٦/ ١٣٠ - ١٣١.