(فمنها): حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - الآتي بعد هذا، وهو حديث حسنٌ، كما سيأتي، وهو الذي يظهر من صنيع المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، حيث أورده بعده تقوية له. واللَّه تعالى أعلم.
(ومنها): حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "أن جارية بكرًا، أنكحها أبوها، وهي كارهة، فخيّرها رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، وفي رواية:"ففرّق النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بينهما". رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والدارقطنيّ.
وقد صححه الحافظ أبو الحسن ابن القطّان، وغاية ما عُلّل به الإرسال، قال البيهقيّ: أخطأ فيه جرير بن حازم على أيوب السختيانيّ، والمحفوظ عن أيوب، عن عكرمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرسلًا. وقد رواه أبو داود عن محمد بن عُبيد، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة مرسلًا. وقد رواه ابن ماجه أيضًا من حديث زيد بن حبّان، عن أيوب موصولًا، وزيد مختلف في توثيقه، قال أبو حاتم في "علله": سألت أبي عن حديث حسين، فقال: هو خطأ إنما هو كما رواه الثقات حماد بن زيد، وابن عليّة، عن أيوب، عن عكرمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرسلًا، وهو الصحيح، فقلت له: الوهم ممن؟ فقال: ينبغي أن يكون من حسين، فإنه لم يروه عن جرير بن حازم غيره. قال في "التنقيح": قال الخطيب البغداديّ: قد رواه سليمان بن حرب، عن جرير بن حازم أيضًا كما رواه حسين، فبرأت عهدته، ثم رواه بإسناده، قال: ورواه أيوب بن سُويد هكذا عن الثوريّ، عن أيوب موصولًا، وكذلك رواه معمر بن سليمان، عن زيد بن حِبّان، عن أيوب انتهى.
وقال أبو الحسن ابن القطّان في كتابه "بيان الوهم والإيهام": حديث ابن عباس صحيح، ولا يضرّه أن يُرسله بعض رواته، إذا أسنده من هو ثقة انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: تبيّن بهذا أن حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - صحيح، فإن غاية إعلاله هو تفرّد جرير بن حازم، عن أيوب بوصله، وتفرّد حسين بن محمد، عن جرير، به.
وقد تبيّن أن جريرًا، لم ينفرد به، فقد رواه أيوب بن سُويد، عن الثوريّ عن أيوب موصولًا، وكذلك رواه معمر بن سليمان الرقّيّ، عن زيد بن حِبّان، عن أيوب موصولًا (١) أيضًا. وبأن حسينًا لم ينفرد به عن جرير، فقد رواه سليمان بن حرب، عن