للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن فعل فالنكاح باطلٌ. وهو قول عمر بن الخطّاب، وعليّ بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن عمر، وزيد بن ثابت، وسعيد بن المسيّب، وسالم بن عبد اللَّه، وسُليمان بن يسار. وبه قال أحمد بن حنبل. قال أحمد: ذهب فيه إلى حديث عثمان، وقال: رُوي عن عمر، وعلي، وزيد بن ثابت أنهم فرَّقوا بينهما.

وقال أبو حنيفة، وأصحابه، وسفيان الثوريّ: لا بأس بأن ينكح المحرم، وأن يُنكح. وهو قول القاسم بن محمد، وإبراهيم النخعيّ. ذكر عبد الرزّاق، قال: أخبرنا محمد بن مسلم الطائفيّ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه أنه لم ير بنكاح المحرم بأسًا. قال: وأخبرني الثوريّ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: يتزوّج المحرم إن شاء، لا بأس به. قال عبد الرزّاق: وقال الثوريّ: لا يُلتفت إلى أهل المدينة، حجة الكوفيين

في جواز نكاح المحرم حديث ابن عبّاس أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نكح ميمونة، وهو محرم. رواه جماعة من أصحابه، منهم عطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وجابر بن زيد، أبو الشعثاء، وعكرمة، وسعيد بن جبير. وروى ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: حديث ابن شهاب، عن جابر بن زيد، عن ابن عبّاس أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - نكح ميمونة، وهو محرم. فقال ابن شهاب: حدثني يزيد بن الأصمّ أن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - تزوّج ميمونة … "، قال عمرو: فقلت لابن شهاب: أتجعل حفظ ابن عباس كحفظ أعرابيّ يبول على فخذيه؟ (١).

قال أبو عمر: قد ذكرنا حجة الحجازيين القائلين بأن نكاح المحرم لا يجوز؛ لحديث عثمان - رضي اللَّه عنه - عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه نهى عن نكاح المحرم، وأن عمر بن الخطّاب فرّق بين من نكح وبين امرأته، والفُرقة لا تكون في هذا إلا عن بصيرة مستحكمة، وذكرنا جماعة الأئمة القائلين من أهل المدينة، وليس مع العراقيين في هذا حجة إلا حديث ابن عباس في قصّة، قد خالفه فيها غيره بما تقدّم ذكره.

قال: واختلف أهل السير في تزويج رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر موسى بن عقبة، عن ابن شهاب أنه تزوّجها حلالًا. وقال أبو عبيدة معمر بن المثنّى: تزوّجها، وهو محرمٌ،


(١) قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" -٤/ ٣٦ - : هذا الذي ذكره عمرو بن دينار لا يوجب طعنًا في روايته، ولو كان مطعونًا في الرواية لما احتجّ به ابن شهاب الزهريّ، وإنما قصد عمرو بن دينار بما قال ترجيح رواية ابن عباس على رواية يزيد بن الأصمّ، والترجيح يقع بما قال عمرو، ولو كان يزيد يقوله مرسلًا كما كان ابن عباس يقوله مرسلًا، إذ لم يشهد عمرو القصّة، كما لم يشهدها يزيد بن الأصمّ، إلا أن يزيد إنما رواه عن ميمونة، وهي صاحبة الأمر، وهي أعلم بأمرها من غيرها انتهى.