يقول: غَوِيَ يَغوَى، كرَضِيَ غَوًى، وليست بالمعروفة: ضلّ، وخاب، وقال الأزهريّ: أي فسد. وقال ابن الأثير: الغيّ: الضلال، والانهماك في الباطل. وقال الراغب: الغَيّ جَهْلٌ من اعتقاد فاسد، وذلك لأن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادًا، لا صالحًا، ولا فاسدًا، وهذا النحو الثاني، يقال له: غيّ، وأنشد الأصمعيّ للمرقّش [من الطويل]:
فَمَنْ يَلْقَ خَيرًا يَحمَدِ النَّاسُ أَمْرَهُ … وَمَنْ يَغْوَ لًا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيّ لًا ئِمَا
وقال دُريد بن الصّمّة [من الطويل]:
وَهَلْ أَنَا إلاَّ مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ … غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أُرْشَدِ
انتهى ما في "القاموس"، وشرحه "تاج العروس" ببعض تصرّف (١).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ) زاد في رواية مسلم من طريق وكيع، عن سفيان: "قل: ومن يَعص اللَّه ورسوله". قيل: إنما أنكر عليه التشريك في الضمير المقتضي لتوهّم التسوية. وتُعُقّب بأنه ورد في كلامه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فالوجه أن التشريك لي الضمير يُخلّ بالتعظيم الواجب، ويوهم التشريك بالنظر إلى بعض المتكلّمين، وبعض السائلين، فيختلف حكمه بالنظر إلى المتكلّمين والسامعين. وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عديّ بن حاتم - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٤٠/ ٣٢٨٠ - وفي "الكبرى" ٧٥/ ٥٥٣٠. وأخرجه (م) في "الجمعة" ٨٧٠ (د) في "الصلاة" ١٠٩٩ و"الأدب" ٤٩٨١ (أحمد) في "مسند الكوفيين" ١٧٧٨٣ و ١٨٨٩٢. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ما يُكره للخطيب أن يقوله في خُطبته، وذلك أنه لا يجمع بين اللَّه ورسوله في ضمير واحد، وسيأتي ما قاله أهل العلم في سبب إنكاره - صلى اللَّه عليه وسلم - على الخطيب قوله في المسألة التالية. (ومنها): بيان جواز
(١) "القاموس"، وشرحه "تاج العروس" ١٠/ ٢٧٣.