(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِنَّهَا لَا تحَلُّ لِي) أي لا يحلّ لي نكاحها (إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ) جملة "إنّ" تعليليّةٌ؛ إنما لم تحلّ لي؛ لأنها ابنة أخي من الرضاعة، وهو حمزة ابن عبد المطّلب - رضي اللَّه عنه -، فقد أرضعتهما ثُويبة مولاة أبي لهب، عمّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كما أرضعت أبا سلمة - رضي اللَّه عنه -. قال مصعب الزبيريّ: كانت ثُويبة أرضعت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بعد ما أرضعت حمزة، ثم أرضعت أبا سلمة. انتهى.
[تنبيه]: ذكر ابن منده ثويبة في "الصحابة"، وقال: اختُلف في إسلامها. وقال أبو نُعيم: لا نعلم أحدًا ذكر إسلامها غيره. والذي في السير أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يُكرمها، وكانت تدخل عليه بعد ما تزوّج خديجة، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة إلى أن كان بعد فتح خيبر ماتت، ومات ابنها مسروح انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عليّ - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا- ٥٠/ ٣٣٠٥ - وفي "الكبرى" ٤٧/ ٥٤٤٦. وأخرجه (م) في "الرضاع" ١٤٤٦ (أحمد) في "مسند العشرة" ٦٢١ و ٩٣٣ و ١١٠٢ و ١١٧٣ و ١٣٦١. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان تحريم بنت الأخ من الرضاعة. (ومنها): أن فيه ثبوت الرضاع بالاستفاضة، فإنها كانت في الجاهليّة، وكان ذلك مستفيضًا عند من وقع له. (ومنها): أيضًا يستفاد ثبوت النسب، فإنه إذا ثبت الرضاع، فإن من لازمه أن يثبت النسب، وقد عقد الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- لذلك بابًا، فقال:[باب الشهادة على الأنساب، والرضاع، والمستفيض، والموت القديم].
قال في "الفتح": هذه الترجمة معقودة لشهادة الاستفاضة، وذكر منها النسب، والرضاعة، والقديم، فأما النسب، فيستفاد من أحاديث الرضاعة، فإنه من لازمه، وقد نُقِل فيه الإجماع، وأما الرضاعة، فيستفاد ثبوتها بالاستفاضة من أحاديث الباب، فإنها