للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فولدته، فلهذا قيل له: رضيع عائشة انتهى (١) (فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ الْغَضَبَ فِي وَجهِهِ) وفي رواية البخاريّ من طريق شعبة، عن الأشعث: "فكأنه تغيّر وجهه، كأنه كره ذلك". وفي رواية له من طريق عن الأشعث: "فقال: "عائشة من هذا؟ " (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - ("انظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ؟ ") "ما" استفهاميّة، والمعنى: تأمّلن ما وقع من ذلك، هل هو رضاعٌ صحيح بشرطه، من وقوعه في زمن الرضاعة، ومقدار الارتضاع، فإن الحكم الذي ينشأ من الرضاع إنما يكون إذا وقع الرضاع المشترط. قال المهلّب: معناه: انظرن ما سبب هذه الأُخوّة، فإن حرمة الرضاع إنما هي في الصغر حتى تسدّ الرضاعة المجاعة. وقال أبو عُبيد: معناه أن الذي جاع كان طعامه الذي يُشبعه اللبن من الرضاع، لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع.

(وَمَرَّةً أُخْرَى) أي قال مرّة أخرى (انْظُرْنَ مَن إخوَانُكُن مِنَ الرضَاعَةِ؟) بـ"مَنْ" بدل "ما"، وهي أوجه، وهي استفهامية أيضًا (فَإِنَّ الرَّضَاعَةَ) وفي رواية البخاريّ: "فإنما الرضاعة (مِنَ المَجَاعَةِ) فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر؛ لأن الرضاعة تُثبتُ النسبَ، وتجعل الرضيع مَحْرَمًا.

والمعنى: أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحِلُّ بها الخلوة، هي حيث يكون الرضيع طفلًا، يسدّ اللبن جوعته؛ لأن معدته ضعيفة، يكفيها اللبن، وينبتُ بذلك لحمه، فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها، فكأنه قال: لا رضاعة معتبرةٌ إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من المجاعة، كقوله تعالى: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ}، ومن شواهده حديث ابن مسعود: "لا رضاع إلا ما شدّ العظم، وأنبت اللحم". أخرجه أبو داود، مرفوعًا، وموقوفًا، وحديث أم سلمة - رضي اللَّه تعالى عنها -: "لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء". أخرجه الترمذي، وصححه (٢). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا- ٥١/ ٣٣١٣ - وفي "الكبرى" ٤٩/ ٥٤٦٤. وأخرجه (خ) في


(١) "فتح" ١٠/ ١٨٤.
(٢) "فتح" ١٠/ ١٨٤ - ١٨٥.