(ثم قام فركع ركعتين) وهاتان الركعتان مستحبتان، كما تقدم في الباب ٦٨/ ٨٤ وقوله:(لا يحدث فيهما نفسه) جملة في محل نصب صفة لركعتين، وتقدم في ٦٨/ ٨٤ زيادة "بشيء" والمراد أنه لا يحدث نفسه بشيء من أمور الدنيا.
لما في رواية الترمذي الحكيم في هذا الحديث "لا يحدث نفسه بشيء من الدنيا".
وهي في الزهد لابن المبارك أيضا، والمصنَّف لابن أبي شيبة قاله في الفتح [جـ ١ ص ٣١٢]، وقال العلامة ابن دقيق العيد: قوله:"لا يحدث فيهما نفسه" إشارة إلى الخواطر، والوساوس الواردة على
النفس، وهي على قسمين: أحدهما: ما يهجُم هجما يتعذر دفعه عن النفس. والثاني: ما تسترسل معه النفس، ويمكن قطعه ودفعه. فيمكن أن يحمل هذا الحديث على هذا النوع الثاني.
فيخرج عنه النوع الأول لعسر اعتباره. ويشهد لذلك لفظة "يحدث نفسه" فإنه يقتضي تكسبا منه، وتفعلا، لهذا الحديث (١)، ويمكن أن يحمل على النوعين معا، إلا أن العسر إنما يجب دفعه عفا يتعلق بالتكاليف.
والحديث إنما يقتضي ترتب ثواب مخصوص على عمل مخصوص.
فمن حصل له ذلك العمل: حصل له ذلك الثواب، ومن لا فلا.
وليس ذلك من باب التكاليف حتى يلزم دفع العسر عنه. نعم لابد وأن تكون تلك الحالة ممكنة الحصول.
أعني الوصف المرتب عليه الثواب المخصوص، والأمر كذلك فإن المتجردين عن شواغل الدنيا الذين غلب ذكر الله عز وجل على قلوبهم وغمرها تحصل لهم تلك الحالة، وقد حكى بعضهم ذلك. اهـ إحكام [جـ ١ ص ١٩٠، ١٩٢].