ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا، والمراد دفعه مطلقا، ومنها ما يتعلق بالآخرة فإن كان أجنبيا أشبه أحوال الدنيا، وإن كان من متعلقات الصلاة كالتفكر في معاني القرآن والأذكار فلا، أفاده في الفتح جـ ١ ص ٣١٣.
(غفر له ما تقدم من ذنبه) قال العلامة ابن دقيق العيد رحمه الله: ظاهره العموم في جميع الذنوب، وقد خصوا مثله بالصغائر.
وقالوا: إن الكبائر إنما تكفر بالتوبة وكأن المستند في ذلك أنه ورد مقيدا في مواضع، كقوله - صلى الله عليه وسلم - "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر" فجعلوا هذا القيد في هذه الأمور مقيدا للمطلق في غيرها. اهـ إحكام جـ ١ ص ١٩٢، ١٩٣.
وقال العلامة الصنعاني في حاشيته عليه: ما نصه: اتفقت كلمتهم في أحاديث الترغيب الموعود فيها بالغفران على أعمال من البر أنه خاص بغفران الصغائر دون الكبائر، فإنها لا تغفر إلا بالتوبة كقوله:{وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى قوله {إِلَّا مَنْ تَابَ} [الفرقان: ٦٨ - ٧٠}، فلو كان لها مكفر غير التوبة لذكر، وبأنه - صلى الله عليه وسلم - قيد كثيرا من غفران الذنوب بأنواع من الطاعات بقيد "ما اجتنبت الكبائر" فدل على أنها لا تكفر الكبائر بالطاعات غير التوبة، ودلت الآية على أنها لا تكفر الصغائر إلا بشرط اجتناب الكبائر.
فههنا دعويان: إحداهما: أن الصغائر لا تكفر بالطاعات إلا بشرط اجتناب فاعلها الكبائر، والثانية: أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة.
أما دليل الأولى فإنه {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الآية النساء ٣١.
وحديث "الصلوات الخمس" إلى آخره، أخرجه أحمد، ومسلم،