والترمذي، من حديث أبي هريرة، وهذه أمهات الطاعات، فهذا قيدت بذلك فاعتبار التقييد في غيرها بالأولى.
وأما دليل الثانية: فهذا الحديث أيضا، فإنها إذا اشترط اجتناب الكبائر في التكفير للصغائر دل أنها لا تكفر بطاعة سوى التوبة كما دلت لذلك الآيات المصرحة بذلك، وقد سلف بعضها.
فقول الشارح المحقق: وكأن المستند في ذلك أي فيما قيد من الحكمين، وإن كان صريح كلامه في أحدهما، فالثاني يدل له المقام.
وقوله: وكأن، فيه، إشارة إلى أن للمناقشة مجالا في هذا بأن يقال: مقادير الطاعات مختلفة، لا يعلم قدر كل طاعة إلا الله، فيجوز أن يكون من الطاعات ما يكفر الكبائر كما ورد في الحج أنه "يخرج منه كيوم ولدته أمه" وغيره مما لم يقيد بذلك القيد كما ورد في المريض "أنه لا يزال به البلاء حتى يتركه يمشي، وليس عليه خطيئة " فحمل هذه المطلقات على تلك المقيدات لا يتم، إلا إذا علم تساويهما في قدر الجزاء عند الله، وهو لا يعلم إلا بإعلام الله، ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وحينئذ فيجوز أن بعض الطاعات تكفر الكبائر، فلا يتم اطراد التقييد، وكأنه لذلك نسبه إليهم بقوله: فقالوا، على أنه لا يخفى عليك أن هذا كله مشي معهم على ظاهر قولهم: أن هذه الطلقات مقيدات بما قيد به بعض الطاعات من قيد اجتناب الكبائر، وعلم من الأصول أنه لا يلحق المطلق بالمقيد إلا إذا اتحد سببهما وحكمهما، وهنا الاختلافات أوضح من الشمس، ولا سبيل إلى القياس لما سمعت من عدم الجامع وتعيينه. اهـ عدة جـ ١ ص ١٩٢، ١٩٣.
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الصنعاني رحمه الله أخيرًا هو الذي يترجح عندي، وحاصله عدم تقييد النصوص بقيد اجتناب الكبائر، بل