للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مروزيّ، وعبد الرحمن، فإنه بصريّ. (ومنها): أن فيه عروة من الفقهاء السبعة، وعائشة من المكثرين السبعة. (ومنها): أن فيه رواية صحابية عن صحابية: عائشة عن جُدَامَةَ - رضي اللَّه عنهما -، واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَنْ عَائِشَةَ) أمّ المؤمنين - رضي اللَّه تعالى عنها - (أَنَّ جُدَامَةَ) بضم الجيم، والدال المهملة (١) (بنتَ وَهب) بن مِحصن، - رضي اللَّه تعالى عنها -، أنها (حَدّثَتْهَا) أي أخبرت عائشة. قال الحافظ ائن عبد البرّ: كلّ الرواة رووه هكذا، إلا أبا عامر العَقَديَّ، فجعله عن عائشة، لم يذكر جُدامة، وكذا رواه القعنبيّ في غير "الموطّإ"، ورواه فيه كسائر الرواة عن عائشة، عن جُدامة، وفي رواية عائشة عن جُدامة دليلٌ على حرصها على العلم، وبحثها عنه، وأن القوم لم يكونوا يُرسلون من الأحاديث في الأغلب إلا ما يستوفيه المحدّث لهم بها، أو لوجوه غير ذلك انتهى (٢).

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "لَقَدْ هَمَمْتُ) أي قصدت (أَنْ أَنْهَى عَنِ الغِيلَةِ) قال النوويّ: قال أهل اللغة: الغيلة هنا بكسر الغين، ويقال لها: الغيل -بفتح الغين مع حذف الهاء، والغِيال -بكسر الغين. وقال جماعة من أهل اللغة: الغَيلة -بالفتح المرّة الواحدة، وأما بالكسر فهي الاسم من الغيل. وقيل: إن أريد بها وطء المرضع جاز الغيلة، والغيلة بالكسر والفتح.

واختلف العلماء في المراد بالغيلة في هذا الحديث، وهي الغيل، فقال مالك في "الموطّإ"، والأصمعيّ، وغيره من أهل اللغة: أن يُجامع امرأته، وهي موضع، يقال منه، أغال الرجل، وأَغْيَلَ إذا فَعَلَ ذلك. وقال ابن السّكّيت: هو أن تُرضع المرأة، وهي حامل، يقال منه: غالت، وأغيلت.

قال العلماء: سبب همّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالنهي عنها أنه يخاف منه ضرر الولد الرضيع، قالوا: والأطبّاء يقولون: إن ذلك اللبن داء، والعرب تكرهه، وتتّقيه. انتهى كلام النوويّ (٣).

وفسّره مالك في "الموطّإ فقال: الغِيلةُ أن يمسّ الرجل امرأته، وهي تُرضع. قال الحافظ أبو عمر: اختلف العلماء، وأهل اللغة في معنى "الغِيلة"، فقال منهم قائلون كما قال مالك: معناها أن يطأ الرجل امرأته، وهي ترضع. وقال الأخفش: الغِيلة، والغِيل سواء، وهو أن تلد المرأة، فيغشاها زوجها، وهي تُرضع، فتحمل، فإذا حملت فسد


(١) قال أبو حاتم: "الجدامة": ما لم يَندَقَّ من السُّنْبُل وقال غيره: هو ما يبقى في الغربال من نَصِيّة. راجع "المفهم" مع الهامش.
(٢) راجع "الاستذكار" ١٨/ ٢٨١ - ٢٨٢.
(٣) "شرح مسلم" ١٠/ ٢٥٨.