للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأمةُ الفارهةُ من غرّة المال. قال: وأصل الغرّة البياض الذي يكون في وجه الفرس، وكأنه عُبّر عن الجسم كلّه بالغرّة انتهى (١).

وقال في "الفتح": والغرّة في الأصل البياض يكون في جبهة الفرس، وقد استعمل للآدميّ في الحديث المتقدِّم في الوضوء: "إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا". وتطلق الغرّة على الشيء النفيس، آدميًّا كان، أو غيره، ذكرًا كان، أو أنثى. وقيل: أُطلق على الآدمي غرّةٌ لأنه أشرف الحيوان، فإن محلّ الغرّة الوجه، والوجهُ أشرف الأعضاء انتهى (٢).

والمعنى: أنه- صلى اللَّه عليه وسلم - قال له: إنها قد قامت بخدمتك، وأنت طفلٌ، فكافئها بخادم يقوم بمهنتها، وقضاء حاجتها؛ أداءً لحقّها؛ إذ الجزاء من جنس العمل.

وقوله (عَبْد، أَو أَمَة) يحتمل أن يكون بالرفع بدلا من "غرّة"، أو عطف بيان. ويحتمل أن يكون بالإضافة، ويكون من إضافة العام إلى الخاصّ، كشجر أراك، وعلم الفقه، و"أو" يحتمل أن تكون للتنويع، أو للشّكّ من الراوي، والأول أظهر.

وقال في "الفتح": عند شرح دية الجنين: ما نصّه: وقال الإسماعيليّ: "فقضى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - فيها بغرّة عبد، أو أمة": قرأ العامة بالإضافة، وغيرهم بالتنوين. وحكى القاضي عياض الخلاف، وقال: التنوين أوجه؛ لأنه بيان للغرّة ما هي؟، وتوجيه الآخر أن الشيء قد يُضاف إلى نفسه، لكنّه نادر. وقال الباجيّ: يحتمل أن تكون "أو" شكًّا من الراوي في تلك الواقعة المخصوصة، ويحتمل أن تكون للتنويع، وهو الأظهر. انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث حجّاج بن مالك هذا حسنٌ، وقال الترمذيّ: هذا حديث حسنٌ صحيح.

[فإن قلت]: كيف يكون حسنًا، وفي إسناده حجاج بن حجاج، قال عنه في "التقريب": مقبول، أي يحتاج إلى متابع؟.

[قلت]: حجّاج بن حجاج وثّقه ابن حبّان، وقال الذهبيّ عنه في "الميزان" - ١/ ٤٦١: صدوق. وروى عنه عروة بن الزبير، وعبد اللَّه الزبير على خلاف فيه، فمن كان


(١) "لسان العرب" في مادة غرر ٥/ ١٨ - ١٩.
(٢) "فتح" ١٤/ ٢٤٤ "كتاب الديات".
(٣) "فتح" ١٤/ ٢٤٤ "كتاب الديات".