للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهب، عن عمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن الحجاج بن الحجاج الأسلميّ، عن أبيه، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -.

قال: وأخبرنيه ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير، عن حجاج بن حجاج الأسلميّ، عن أبيه، أنه قال: يا رسول اللَّه، ما يُذهب عني مذمة الرضاع، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الغرّة، العبد، والأمة". وكذلك رواه أبو معاوية، وعبد اللَّه بن إدريس، عن هشام بن عروة، إلا أنهما قالا: "العبد، أو الأمة". وقيل: عنه، عن حجاج بن أبي الحجّاج، عن أبيه. والصواب الحجاج بن الحجاج، عن أبيه. قاله البخاريّ انتهى (١).

(قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ما يُذهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرِّضَاعِ؟) أي أيّ شيء يُذهب عني الحقّ الذي تعلّق بي للمرضعة؟؛ لأجل إحسانها لي بالرضاع، فإني إن لم أكافئها على ذلك صرتُ مذمومًا عند الناس بسبب عدم المكافأة.

وقال في "النهاية": "الْمَذَمَّة" بالفتح مَفْعَلة من الذّمّ، وبالكسر من الذِّمَّة، والذِّمَام.

وقيل: هي بالكسر والفتح: الحقُّ، والحرمة التي يُذمّ مُضَيِّعُها. والمراد بمذمّة الرضاع: الحقّ اللازم بسبب الرضاع، فكأنه سأل ما يُسقط عنّي حقّ المرضعة حتّى أكون قد أدّيته كاملًا؟، وكانوا يستحبّون أن يُعطوا للمرضعة عند فِصَال الصبيّ شيئًا سوى أجرتها انتهى (٢).

(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (غُرَّةُ) فاعل لمحذوف، دلّ عليه السؤال، أي يُذهب عنك المذمّة غرّة. ويحتمل أن يكون خبرًا لمبتدإ محذوف، أي الْمُذهِب عنك ذلك غُرّة.

و"الغُرّة" بضم الغين المعجمة، وتشديد الراء: أصل الغرّة: البياض الذي يكون في وجه الفرس، والمراد به هنا العبد نفسه، أو الأمة نفسها.

قال ابن منظور: الغرّة: العبد، أو الأمة، كأنه عُبّر عن الحسم كلّه بالغرّة، وقال الراجز:

كُلُّ قَتيلِ فِي كُلَيْبٍ غُرَّهْ … حَتَّى يَنَالَ الْقَتْلَ آلُ مُرَّهْ

يقول: كلهم ليسوا بكفء لكليب، إنما هم بمنزلة العبيد والإماء، إن قتلتُهُم، حتى أَقتُل آل مرّة، فإنهم الأكفاء حينئذ. قال: وقال أبو سعيد: الغرّةُ عند العرب أنفَسُ شيء يُمْلَكُ، وأفضلُهُ، والفرسُ غُرّةُ مال الرجل، والعبدُ غرّةُ ماله، والبعير النجيب غُرّةُ ماله،


(١) "السنن الكبرى" للبيهقيّ ٧/ ٤٦٤.
(٢) "النهاية" ٢/ ١٦٩.