للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بشيء، فقال آخر: ما علمت ذلك]، وفي "العلم": فركب إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بالمدينة، فسأله" (فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وقد سبق أنه ركب من مكة إلى المدينة (فَأَخْبَرتُهُ) أي بما حدث من تلك القضيّة، كما بيّنه بقوله (فَقُلْتُ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ) تقدّم أن اسمها غنية بنت أبي إهاب بن عزيز (فَجَاءَتْنِي امْرَأَة سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا) أراد بذلك التعريض بكونها كاذبة في دعواها ذلك، كما سيصرّح به قريبًا (فَأَعْرَضَ) أي حوّل النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - وجهه (عَنِّي) زاد في رواية البخاريّ في "البيوع": "وتبسّم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ". وإنما أعرض عنه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ كراهيةً لسؤاله؛ إذ حقّه حينما وقعت له الشبهة أن يبتعد عنها، ويفارقها، ولا يستمرّ على نكاحها؛ إذ لا يليق بالعاقل في مثل هذا إلا الإعراض عن الشبهة، والتنزّه عنها، لا السؤال ليتوسّل به إلى إبقائها عنده (فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ) أي في دعواها ذلك (قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَكَيْفَ بِهَا) أي كيف يُظنّ بها الكذب، أو يُجزم به (وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتُكُمَا) أي وهو أمر ممكن، ولا يُعلم ذلك عادةً إلا من قِبَلها، فكيف تُكذّب فيه؟ (دَعْهَا) أي المرأة التي تزوّجتها؛ لوقوع الشبهة في كونها أختًا لك من الرضاعة، وقد أخذ بظاهره الإمام أحمد، وطائفة، وحمله الجمهور على أنه أرشده إلى الأحوط والأولى، وسيأتي تحقيق القول في ذلك في "المسألة الرابعة، إن شاء اللَّه تعالى. وقوله (عَنْكَ) متعلّق بـ"دع" على تضمينه معنى أَبْعِدْ، أي أبعدها عنك بالطلاق. وزاد الدارقطنيّ في آخره: "لا خير لك فيها"، وفي رواية للبخاريّ: "فنهاه عنها"، وزاد في رواية له: "ففارقها، ونكحت زوجًا غيره". قال الحافظ: اسم هذا الزوج ظُريب -بضم المعجمة المشالة، وفتح الراء، وآخره موحّدة، مصغّرًا. انتهى (١).

واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث عقبة بن الحارث - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه البخاريّ.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٥٧/ ٣٣٣١ - وفي "الكبرى" ٥٣/ ٥٤٨٤. وأخرجه (خ) في "العلم" ٨٨ و "البيوع" ٢٠٥٢ و"الشهادات" ٢٦٤٠ و ٢٦٥٩ و"النكاح" ٥١٠٥ (د) في "الأقضية" ٣٦٠٣ (ت) "الرضاع" ١١٥١ (أحمد) "مسند المدنيين" ١٥٧١٥ و "مسند الكوفيين" ١٨٩٣٠ (الدارمي) "النكاح" ٢٢٥٥. واللَّه تعالى أعلم.


(١) "فتح" ١/ ٢٤٩.