(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو مشروعيّة الشهادة على الرضاع. (ومنها): قبول شهادة المرأة في الرضاع، كما هو ظاهر ترجمة المصنّف، وسيأتي في المسألة التالية تحقيق الخلاف في ذلك، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): قبول شهادة الإماء والعبيد، وفيه خلاف أيضًا، وسيأتي في المسألة الخامسة، إن شاء اللَّه تعالى. (ومنها): جواز إعراض المفتي لينبّه المستفتي على أن الحكم فيما سأله الكفّ عنه. (ومنها): جواز تكرار السؤال لمن لم يفهم المراد، والسؤال عن السبب المقتضي لرفع النكاح. (ومنها): مشروعية الاستبراء عن الشبهات. (ومنها): الإنكار على من يتعاطى الشبهات. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في ثبوت الرضاع بشهادة المرضعة وحدها:
ذهبت طائفة إلى ثبوت الرضاع بشهادتها، وبه قال أحمد، قال عليّ بن سعيد: سمعت أحمد يُسأل عن شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، قال: تجوز على حديث عقبة ابن الحارث، وهو قول الأوزاعيّ، ونُقل عن عثمان، وابن عباس، والزهريّ، والحسن، وإسحاق، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج، عن ابن شهاب، قال: فرّق عثمان بيّن ناس، تناكحوا بقول امرأة سوداء: إنها أرضعتهم، قال ابن شهاب: الناس يأخذون بذلك من قول عثمان اليوم، واختاره أبو عبيد، إلا أنه قال: إن شهدت المرضعة وحدها وجب على الزوج مفارقة المرأة، ولا يجب عليه الحكم بذلك، وإن شهدت معها أخرى وجب الحكم به.
واحتجّ أيضًا بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يُلزم عقبة بفراق امرأته، بل قال له:"دعها عنك"، وفي رواية ابن جريج:"كيف، وقد زعمت"، فأشار إلى أن ذلك على التنزيه.
وذهب الجمهور إلى أنه لا يكفي في ذلك شهادة المرضعة؛ لأنها شهادة على فعل نفسها. وقد أخرج أبو عبيد من طريق (١) عمر، والمغيرة بن شعبة، وعليّ بن أبي طالب، وابن عباس أنهم امتنعوا من التفرقة بيّن الزوجين بذلك، فقال عمر: فرّق بينهما إن جاءت بيّنة، وإلا فخلّ بين الرجل وامرأته، إلا أن يتنزّها، ولو فُتح هذا الباب لم تشأ امرأة أن تُفرَق بيّن الزوجين إلا فَعَلت. وقال الشعبيّ: تُقبل مع ثلاث نسوة بشرط أن لا تتعرّض نسوة لطلب أجرة. وقيل: لا تُقبل مطلقًا. وقيل: تقبل في ثبوت المحرميّة، دون ثبوت الأجرة لها على ذلك. وقال مالك: تقبل مع أخرى. وعن أبي حنيفة: لا
(١) هكذا نسخ "الفتح"، والظاهر أن الصواب "من طرق، عن عمر الخ"، أو نحو هذا، فليحرّر.