للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(الدارمي) في "النكاح" ٢٢٤٤. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان جواز عتق الرجل جاريته، ثم نكاحها، وفيه ردّ على من كره ذلك، فمن ذلك ما وقع في رواية هشيم، عن صالح ابن صالح الراوي المذكور، وفيه قال: رأيت رجلًا من أهل خراسان، سأل الشعبيّ، فقال: إن مَن قِبَلَنا من أهل خراسان يقولون في الرجل إذا أعتق أمته، ثم تزوّجها: فهو كالراكب بدنته، فقال الشعبيّ … فذكر الحديث. وأخرج الطبرانيّ بإسناد رجاله ثقات عن ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، أنه كان يقول ذلك. وأخرج سعيد بن منصور، عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما - مثله. وعند ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أنس - رضي اللَّه عنه - أنه سئل عنه؟، فقال: "إذا أعتق أمته للَّه، فلا يعود فيها". ومن طريق سعيد بن المسيّب، وإبراهيم النخعيّ أنهما كرها ذلك. وأخرج أيضًا من طريق عطاء والحسن أنهما كانا لا يريان بذلك بأسًا. ذكره في "الفتح" (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصواب أنه لا كراهة في ذلك، وُيعتذر عن هؤلاء الذين كرهوا ذلك بأنهم لم يبلغهم الخبر. واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أنه يدلّ على مزيد فضل من أعتق أمته، ثم تزوّجها، سواءٌ أعتقها ابتداءً للَّه، أو لسبب. (ومنها): فضل تأديب الأمة، وتعليمها، والإحسان في ذلك. (ومنها): فضل العبد الصالح الناصح لربّه، وسيّده. (ومنها): فضل مؤمن أهل الكتاب الذين آمنوا بالنبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال القرطبيّ: الكتابيّ الذي يضاعف أجره مرّتين، هو الذي كان على الحقّ في شرعه عقدًا وفعلًا إلى أن آمن بنبيّنا - صلى اللَّه عليه وسلم -، فيؤجر على اتباع الحقّ الأول والثاني انتهى.

وتعقّبه الحافظ بأنه يُشكل عليه أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - كتب إلى هرقل: "أسلم تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّه أجرك مرّتين"، وهرقل كان ممن دخل في النصرانيّة بعد التبديل انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أن المراد عموم أهل الكتاب، كما يدلّ عليه قصّة هرقل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): أنه لا مفهوم للعدد في قوله: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرّتين"، فقد ثبت في النصوص الأخرى زيادة على ذلك، فقد أخرج الطبرانيّ من حديث أبي أمامة


(١) "فتح" ١٠/ ١٥٩ "كتاب النكاح".