للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كنت نهيتكم أن تُغالوا في صداق النساء، ألا فليفعل رجلٌ في ماله ما بدا له".

وهذا لا يثبت، بل هو حديث منكر، يرويه مجالد، عن الشعبيّ، عن عمر. أخرجه البيهقيّ ٧/ ٢٣٣ - وقال: هذا منقطع.

والحاصل أن له علّتين: الانقطاع، وضعف مجالد.

وكذا ما رواه عبد الرزاق في "مصنّفه" ٦/ ١٨٠/ ١٠٤٢٠ عن قيس بن الربيع، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السُّلَميّ، قال … فذكر نحوه، مختصرًا، وزاد في الآية، فقال: "قنطارًا من ذهب" وقال: ولذلك هي قراءة عبد اللَّه. ضعيف أيضًا، له علتان: [الأولى]: الانقطاع، فإن أبا عبد الرحمن السلمي، لم يسمع من عمر - رضي اللَّه عنه -، كما قاله ابن معين. [والثانية]: سوء حفظ قيس بن الربيع. ذكره الشيخ الألباني -رحمه اللَّه تعالى- في "إروائه" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٦٦/ ٣٣٥٠ - وفي "الكبرى" ٦٦/ ٥٥١١. وأخرجه (د) في "النكاح" ٢١٠٦ (ت) في "النكاح" ١١١٤ (ق) في "النكاح" ١٨٨٧ (أحمد) في "مسند العشرة" ٢٨٧ (الدارمي) في "النكاح" ٢٢٠٠. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): عدم المغالاة في مهور النساء؛ لأنه يؤدّي إلى تعطيل الزواج، وفساد المزاج. (ومنها): فقه عمر بن الخطّاب - رضي اللَّه تعالى عنه -، حيث استنبط مما كان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - يدفعه مهرًا لنسائه أنه هو المختار الأعدل، فيكون تجاوزه غلوًّا، واعتداءً، وهذا التفقه منه - رضي اللَّه عنه - لا يتعارض مع قوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} (٢) الآية. لأن الآية -كما قال بعض المحققين- لا تعني المغالاة بالمهور، وإنما المبالغة في التمثيل بالقنطار، كأنه قال: وآتيتم هذا القدر العظيم الذي لا يؤتيه أحد. وهذا كقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "من بني للَّه مسجدًا، ولو كمَفْحَصِ قطاة، بني اللَّه له بيتًا في الجنّة" (٣) ومعلومٌ أنه لا يكون مسجد كمَفْحَص قطاة.

وقد تقدّم أن قصّة المرأة التي عارضت عمر - رضي اللَّه عنه - بالآية المذكورة غير صحيحة.


(١) راجع "إرواء الغليل" ٦/ ٣٤٧ - ٣٤٨.
(٢) اختُلف في تفسير القنطار المذكور في الآية، فقال أبو سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه -: هو ملء مَسْك ثور ذهبًا. وقال معاذ: ألف ومائتا أوقيّة ذهبًا. وقيل: سبعون ألف مثقال. وقيل: مائة رطل ذهبًا. انتهى "نيل الأوطار" ٦/ ١٧٩.
(٣) رواه أحمد رقم ٢١٥٨ وفي إسناد جابرٌ الجعفيّ، وفيه كلام مشهور.