للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويؤيّد تفقّه عمر - رضي اللَّه عنه - ما روي أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال لابن أبي حدرد، وقد جاء يستعينه في مهره، فسأله عنه، فقال: مائتين، فغضب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وقال: "كأنكم تقطعون الذهب والفضّة من عُرْض الحرّة، أو جبل" (١). (٢).

(ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من التوسّط في مهور النساء. (ومنها): ضرب المثل لإيضاح المسألة. (ومنها): النهي عما يقوله الناس: فلانٌ الشهيد؛ لأنه لا يُعلم إخلاصه في جهاده، ولأنه لا يمكن القطع لأحد بذلك، بل هو مما استأثر اللَّه تعالى به عن خلقه، إلا من أطلعه بالوحي، بل ينبغي أن يقال: من قتل في سبيل اللَّه فهو شهيد، واللَّه أعلم بمن يقاتل في سبيله.

[تنبيه]: مما ينبغي الْحَذَرُ عنه ما شاع اليومَ في ألسنة الناس من قولهم: فلان المرحوم؛ لأن فيه الوصف القطعيّ بأن اللَّه تعالى رحمه، وذلك من القول بلا علم؛ لأنه لا يُعلم هل -رَحِمَهُ اللَّهُ-، أم عذّبه؟، فلا ينبغي ذلك، بل يقال فلان -رَحِمَهُ اللَّهُ- كان كذا، على سبيل الدعاء له، لا الإخبار. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٣٥١ - (أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ, عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا, وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ, زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ, وَأَمْهَرَهَا أَرْبَعَةَ آلَافٍ, وَجَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ, وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ, وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - بِشَيْءٍ, وَكَانَ مَهْرُ نِسَائِهِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ترجم المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- على هذا الحديث في "الكبرى" بقوله: [التزويج على أربعمائة درهم].

ورجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (العباس بن محمد الدُّوريّ) أبو الفضل البغداديّ، خُوَارزميّ الأصل، ثقة حافظ [١١] ١٠٢/ ١٣٥.


(١) أخرجه مسلم بسياق آخر، ولفظه من طريق أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار، فقال له النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هل نظرت إليها، فإن في عيون الأنصار شيئا؟ "، قال: قد نظرت إليها، قال: "على كم تزوجتها؟ "، قال: على أربع أواق، فقال له النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: "على أربع أواق، كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك، ولكن عسى أن نبعثك في بعث، تصيب منه"، قال: فبعث بعثا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم.
(٢) انظر تفسير القرطبيّ ٥/ ١٠٠ - ١٠١.