للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أحمد في رواية جماعة، وهو قول ابن عمر، وابن عبّاس، والحسن، وعطاء، وِجابر بن زيد، والشعبيّ، والزهريّ، والنخعيّ، والثوريّ، والشافعيّ، وإسحاق، وأبي عُبيد، وأصحاب الرأي.

وعن أحمد روايةٌ أخرى، أن الواجب لها نصف مهر مثلها؛ لأنه نكاح صحيحٌ يوجب مهر المثل بعد، فيوجب نصفه بالطلاق قبل الدخول، كما لو سمّى مُحرَّمًا. وقال مالكٌ، والليث، وابن أبي ليلى: المتعة مستحبّةٌ غير واجبة؛ لأن اللَّه تعالى قال: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ}، فخصّهم بها، فيدلّ على أنها على سبيل الإحسان والتفضّل، والإحسان ليس بواجب؛ ولأنها لو كانت واجبةً لم يختصّ المحسنين دون غيرهم. ولنا قوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ}، أمرٌ، والأمر يقتضي الوجوب، وقال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}، وقال تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ} الآية [الأحزاب: ٤٩]؛ ولأنه طلاقٌ في نكاح يقتضي عوضًا، فلم يَعرُ عن العوض، كما لو سمّى مهرًا، وأداء الواجب من "الإحسان, فلا تعارض بينهما انتهى كلام ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى- (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٣٥٦ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّهُ أُتِيَ فِي امْرَأَةٍ, تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ, فَمَاتَ عَنْهَا, وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا, وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا, فَاخْتَلَفُوا إِلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ, لَا يُفْتِيهِمْ, ثُمَّ قَالَ: أَرَى لَهَا صَدَاقَ نِسَائِهَا, لَا وَكْسَ, وَلَا شَطَطَ, وَلَهَا الْمِيرَاثُ, وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ, فَشَهِدَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ, بِمِثْلِ مَا قَضَيْتَ").

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح غير شيخه، فإنه من أفراده، وهو ثقة حافظ، و"يزيد": هو ابن هارون. و"سفيان ": هو الثوريّ.

وقوله: "فاختلفوا إليه" أي تردّدوا إلى ابن مسعود - رضي اللَّه عنه -، يقال: هو يَختَلِف إلى فلان: إذا كان يتردّد. أفاده في "تاج العروس" ٦/ ١٠٣ مادّة خلف.

والحديث صحيح، وقد سبق تمام البحث فيه في الذي قبله، أورده المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لبيان مخالفة سفيان لزائدة في زيادة الأسود، ولبيان اسم الرجل الأشجعيّ بأنه معقل بن سنان. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.


(١) "المغني" ١٠/ ١٣٧ - ١٣٩.