حديث "مفاتح كلام اللَّه الدنيا والآخرة للَّه … " الحديث.
وكتب الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- بعد ذكر ما تقدّم: ما مختصره: المراد بالإرجاء الذي تكلّم به الحسن بن محمد فيه غير الإرجاء الذي يَعِيبه أهل السنّة المتعلّق بالإيمان، وذلك كتب كتابًا، وفيه: ونُوالي أبا بكر وعمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، ونُجاهد فيهما؛ لأنهما لم تَقْتَتِلْ عليهما الأمة، ولم تشكّ في أمرهما، ونُرجىء من بعدهما، ممن دخل في الفتنة، فنكل أمرهم إلى اللَّه. قال: فالإرجاء الذي تكلّم فيه هو عدم القطع على إحدى الطائفتين بكونها مصيبة، أو مخطئة انتهى باختصار.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: كون المراد بالإرجاء الذي طُعِن به هو هذا النوع محلُّ تأمّل ونظر. واللَّه تعالى أعلم.
٦ - (عبد اللَّه بن محمد) بن عليّ بن أبي طالب الهاشمي، أبو هاشم ابن الحنفيّة، ثقةٌ قرنه الزهريّ بأخيه الحسن [٤].
قال الزبير: كان أبو هاشم صاحَبَ الشيعة، فأوصى إلى محمد بن عليّ بن عبد اللَّه ابن عبّاس، وصَرَفَ الشيعة إليه، ودفع إليه كتبه، ومات عنده. وقال ابن سعد: كان صاحب علم ورواية, وكان ثقة، قليل الحديث، وكانت الشيعة يلقَونه، وينتحلونه، وكان بالشام مع بني هاشم، فحضرته الوفاة، فأوصى إلى محمد بن عليّ، وقال: أنت صاحب هذا الأمر، وهو في وَلَدك، ومات في خلافة سليمان بن عبد الملك. وقال ابن عيينة، عن الزهريّ: حدّثنا عبد اللَّه، والحسن ابنا محمد بن عليّ، وكان الحسن أرضاهما، وفي رواية: وكان الحسن أوثقهما، وكان عبد اللَّه يتبع -وفي رواية: يجمع- أحاديث السبئية (١). وقال العجليّ: عبد اللَّه والحسن ثقتان. وقال أبو أُسامة: أحدهما مُرْجىء، والآخر شيعيّ. وقال النسائيّ؛ ثقة. وذكره ابن حبّان في "الثقات". وقال ابن عبد البرّ: كان أبو هاشم عالمًا بكثير من المذاهب والمقالات، وكان عالمًا بالحدثان، وفنون العلم. قال أبو حسان الزياديّ وغيره: مات سنة ثمان وتسعين. وأرخه الهيثم سنة تسع وتسعين، وكذا أرخه خليفة. روى له الجماعة، وله في هذا الكتاب هذا الحديث،
(١) قال في "الفتح": والسبئية -بمهملة، ثم موحّدة ينسبون إلى عبد اللَّه بن سبأ، وهو من رؤساء الروافض، وكان المختار بن أبي عبيد على رأيه، ولما غلب على الكوفة، وتتبع قتلة الحسين، فقتلهم أحبّته الشيعة، ثم فارقه أكثرهم لما ظهر منه من الأكاذيب، وكان من رأي السبئية موالاة محمد بن عليّ بن أبي طالب، وكانوا يزعمون أنه المهديّ، وأنه لا يموت حتى يخرج في آخر الزمان. ومنهم من أقرّ بموته، وزعم أن الأمر بعده صار إلى ابنه هاشم هذا. انتهى "فتح" ١٠/ ٢٠٩.