للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَلَقٌ مَحٌّ" (١) (ثُمَّ قَالَتْ: أَنْتَ، وَرِدَاؤُك، يَكْفِينِي) هكذا معظم نسخ "المجتبى"، و"الكبرى"، وهو أيضًا في "صحيح مسلم" بلفظ "يكفيني" بالياء التحتيّة: وهو صحيح، ووجهه: أن يكون "أنت" مبتدءًا، حذف خبره، لدلالة ما بعده عليه، أي أنت تكفيني، و"رداؤك" مبتدأ خبره جملة "يكفيني"، وكتب في النسخة "الهنديّة "تكفيني" بالياء والتاء، وكتب فوقه كلمة "معًا" إشارة إلى أنه صحيح باللفظين، فأما نسخة الياء التحتانيّة، فكما سبق، وأما نسخة التاء الفوقانيّة فتكون الجملة خبرًا لـ"أنت"، و"رداؤه" مبتدأ خبره محذوف، أي "يكفيني"، والجملة معترضة، بين المبمتدإِ والخبر.

وقال السنديّ في "شرحه": قوله: "أنت ورداك" أي مع رداك، أو ورداك مبتدأ، خبره محذوف، مثل "كما ترى"، أو "رديء"، والجملة حال، أي أنت تكفيني، والحال أن رداك كما ترى، أو التقدير: "ورداك يكفيني". انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا نسخته "ورداك" بالقصر، ثم مقتضى قوله: "أي مع رداك" أنه بالنصب على المفعوليّة معه، وهذا إذا صحّت الرواية به فذاك، وإلا فالرفع متعيّنٌ. واللَّه تعالى أعلم.

وفي رواية لمسلم: "فتقول: بُرد هذا لا بأس به، ثلاث مرار، أو مرّتين"، وفي رواية: "فآمرت نفسها ساعةً، ثم اختارتني على صاحب … " (فَمَكَثْتُ مَعَهَا ثَلَاثًا) أي ثلاث ليال (ثُمَّ إِنَّ رَسولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قالَ: "مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ النِّساءِ اللاَّتِي يَتَمَتَّعُ) وفي بعض النسخ: "يستمتع". وفي رواية مسلم: "التي يتمتّع" بالإفراد، قال النوويّ في شرحه: هكذا هو في جميع النسخ "التي يتمتّع"، أي يتمتّع بها، فحُذف "بها" لدلالة الكلام عليه، أو أوقع "يتمتّع" موقع "يُباشر"، أي يباشرها، وحُذف المفعول انتهى (٣) (فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهَا) أي يتركها، ويفارقها؛ لكونها مُحرّمة، وفي رواية لمسلم من طريق عبد العزيز بن عمر، حدثني الربيع بن سبرة الجهني، أن أباه حدثه، أنه كان مع رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال: "يا أيها الناس، إني قد كنت أذنت لكم، في الاستمتاع من النساء، وإن اللَّه قد حرم ذلك، إلى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء، فليُخَلِّ سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) بفتح الميم، وتشديد الحاء المهملة: أي بالٍ.
(٢) "شرح السندي" ٦/ ١٢٧.
(٣) "شرح مسلم" ٩/ ١٨٧.