للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَرَكِبَ أَبُو طَلْحَةَ) زيد بن سهل الأنصاريّ، زوج أم سليم والدة أنس - رضي اللَّه عنهم - (وَأَنَا رَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ) جملة اسمية في محلّ نصب على الحال من فاعل "ركب" (فأَخَذَ نَبِيُّ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -) كذا هو في نسخ "المجتبى"، و"الكبرى" بلفظ: "فأخذ"، ومعناه صحيح، أي شرع - صلى اللَّه عليه وسلم - يُجري مركوبه في زُقاق خيبر. ولفظ الشيخين: "فأجرى نبيّ اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، من الإجراء (فِي زُقَاقِ خَيْبَرَ) بضمّ الزاي، وبقافين، وهو السّكّة، يذكّر، ويؤنّث، والجمع أَزِقّة، وزُقّانٌ، بضمّ الزاي، وتشديد القاف، وبالنون. وفي "الصحاح": قال الأخفش: أهل الحجاز يؤنّثون الطريق، والصراط، والسبيل، والسوق، والزُّقَاق، وبنو تميم يذكّرون هذا كلّه، والجمع الزُّقّانُ والأزِقّةُ، مثلُ حُوَار، وحُوران، وأَحْوِرة انتهى (١).

(وَإنَّ رُكْبَتِي لَتَمَسُّ) بفتح الميم، وضمّها، يقال: مَسِسته، من باب تَعِبَ، وفي لغة مَسَسْتُهُ مَسًّا، من باب قَتَلَ: إذا أفضيت إليه من غير حائل. أفاده في "المصباح" (فَخِذَ رَسُولِ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) استدلّ به من قال: إن الفخذ ليست بعورة، وتقدّم تحقيق ذلك في "كتاب الصلاة".

(وَإِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ فَخِذِ نَبِيِّ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَلَمَّا دَخَلَ القَرْيَةَ، قالَ: "اللَّهُ أكبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ) زاد في رواية للبخاري: فرفع يديه، وقال: "اللَّه أكبر خربت خيبر". قال السهيليّ: يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما رأى آلات الهدم، مع أن لفظ الْمِسْحات من سَحَوتُ: إذا قشرتَ أخذ منه أن مدينتهم يتخرب انتهى. ويحتمل أن يكون قال: "خربت خيبر" بطريق الوحي، ويؤيّده قوله بعد ذلك: "إنا إذا نزلنا الخ". قاله في "الفتح" (٢).

وقال العينيّ: قوله: "خربت خيبر" أي صارت خَرَابًا. وهل ذلك على سبيل الخبرية، فيكون ذلك من باب الإخبار بالغيب، أو يكون ذلك على جهة الدعاء عليهم، أو على جهة التفاؤل لَمّا رآهم خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم، وذلك من آلات الحراث. ويجوز أن يكون أخذًا من اسمها. وقيل: إن اللَّه أعلمه بذلك انتهى (٣).

(إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ) قال الجوهريّ: ساحة الدار: ناحيتها، والجمع ساحات وسُوح، وساحٌ أَيضًا، مثل بَدَنة وبُدْن، وخَشَبَة وخَشَب. وأصل الساحة الفضاء بين المنازل، وُيطلق على الناحية، والجهة، والبناء انتهى. وقال الفيّوميّ: ساحة الدار: الموضع المتّسع أمامها، والجمع ساحات، وساحٌ، مثلُ ساعة وساعات، وساعٍ انتهى.


(١) راجع "عمدة القاري" ٣/ ٣٢٤.
(٢) ٨/ ٢٤٤.
(٣) "عمدة القاري" ٣/ ٣٢٥.