للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بين المسلمين"، وهو حديث اختُلف في وصله وإرساله، وهو ظاهر في أن بعضها فُتح صُلحًا. واللَّه أعلم انتهى ما في "الفتح"، بتصرّف يسير (١).

وقال ابن المنذر: اختلفوا في فتح خيبر، كانت عنوة، أو صلحًا، أو جلاء أهلها عنها بغير قتال، أو بعضها صلحًا، وبعضها عنوةً، وبعضها جلاء أهلها عنها. قال: وهذا هو الصحيح، وبهذا أيضًا يندفع التضادّ بين الآثار. ذكره العينيّ (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى- من أن بعضها فتح قهرًا، وبعضها فتح صلحًا، وبعضها أجلي أهلها عنها هو الحقّ؛ جمعًا بين الأحاديث، وأما ردّ ابن عبد البرّ بأن أنسًا صرّح بأن خيبر فُتحت عنوةً، فلا وجه له؛ لأن "العنوة" -كما تقدّم في كلام أهل اللغة- تُطلق على القهر والغلبة، وعلى الصلح، من الأضداد، فلا دلالة لها على ما قاله، بل الحقّ أن الآثار المختلفة في هذا الباب تدلّ دلالةً واضحة فيما صححه ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-. واللَّه تعالى أعلم.

(فَجَمَعَ السَّبْيَ) -بفتح، فسكون-: هو في الأصل مصدر، وُصف به، أي القوم الْمَسبِيِّين. قال الفيّوميّ: سَبَيتُ العدوّ سَبْيًا، من باب رمى، والاسم السِّبَاء، وزان كتاب، والقصر لغةٌ، وأسبيتهُ مثله، فالغلام سَبِيٌّ، ومَسْبيٌّ، والجارية سَبِيّةٌ، ومَسْبيّةٌ، وجمعها سَبَايا، مثلُ عطيّة وعطايا، وقَومٌ سَبْيٌ، وَصْفٌ بالمصدر. قال الأصمعيّ: لا يقال للقوم: إلا كذلك. انتهى (٣).

(فَجاءَ دِحْيَةُ) -بكسر الدال المهملة، وفتحها- ابن خليفة بن فَرْوة بن فَضالة بن امرئ القيس الكلبيّ، وكان أجمل الناس وجهًا، وكان جبريل - عليه السلام - يأتي النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في صورته. قال ابن سعد: أسلم قديمًا، ولم يشهد بدرًا، وشَهِد المشاهد، وبقي إلى خلافة معاوية، وكان رسول النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - إلى قيصر، قال الواقديّ: لقيه بحمص في المحرّم سنة سبع. وقال بعضهم سكن دمشق، وكان منزله بقرية الْمِزَّة. ومات في خلافة معاوية - رضي اللَّه تعالى عنهما -.

(فَقالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَعطِنِي جَارِيةً مِنَ السَّبْي، قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (اذْهَبْ، فَخُذْ جَارِيَةً) قال الكرمانيّ: [فإن قلت]: كيف جاز للرسول - صلى اللَّه عليه وسلم - إعطاؤها لدحية قبل القسمة؟ [قلت]: صَفِيُّ المغنم لرسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فله أن يُعطيه لمن شاء - صلى اللَّه عليه وسلم -. قال العينيّ: هذا غير مقنع؛ لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قال له ذلك قبل أن يعيّن الصفيّ، وههنا أجوبة جيّدة:


(١) "فتح" ٨/ ٢٥٥ - ٢٥٦ "كتاب المغازي".
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٢٦.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٥. مادّة سبى.