الصحيح. (ومنها): أنه مسلسل بالمدنيين. (ومنها): أن فيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم، عن بعض: صالح، وابن شهاب، ومحمد بن عبد الرحمن. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزهريّ (قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ) المخزوميّ (أَنَّ عاَئِشَةَ) - رضي اللَّه تعالى عنها - (قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَاطِمَةَ بنْتِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) وسبب الإرسال هو ما أخرجه الشيخان، وغيرهما (١)، واللفظ للبخاريّ، من طريق حماد بن زيد، عن هشام، عن أبيه، قال: كان الناس يَتَحَرَّون بهداياهم يوم عائشة، قالت عائشة: فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة، فقلن: يا أم سلمة، واللَّه إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وإنا نريد الخير، كما تريده عائشة، فمري رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أن يأمر الناس أن يُهدُوا إليه، حيث ما كان، أو حيث ما دار، قالت: فذكرت ذلك أم سلمة للنبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، قالت: فأعرض عني، فلما عاد إليّ ذكرت له ذاك، فأعرض عني، فلما كان في الثالثة ذكرت له، فقال:"يا أم سلمة، لا تؤذيني في عائشة، فإنه واللَّه ما نزل عليَّ الوحيُ، وأنا في لِحَاف امرأة منكن غيرها".
وأخرج أيضًا من طريق سليمان بن بلال، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة - رضي اللَّه عنها -، أن نساء رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، كُنّ حزبين، فحزب فيه عائشة، وحفصة، وصفية، وسودة، والحزب الآخر أم سلمة، وسائر نساء رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان المسلمون قد علموا حب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عائشة، فإذا كانت عند أحدهم هدية، يريد أن يهديها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، أخرها حتى إذا كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، في بيت عائشة، بعث صاحب الهدية بها إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في بيت عائشة، فكلم حزب أم سلمة، فقلن لها: كلمي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، يكلم الناس، فيقول: من أراد أن يهدي إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - هدية، فليهده إليه، حيث كان، من بيوت نسائه، فكلمته أم سلمة بما قلن، فلم يقل لها شيئًا، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئا، فقلن لها: فكلميه، قالت فكَلَّمَتْهُ حين دار إليها أيضا، فلم يقل لها شيئا، فسألنها، فقالت: ما قال لي شيئا، فقلن لها: كلميه حتى يكلمك، فدار إليها فكلمته، فقال لها:"لا تؤذيني في عائشة، فإن الوحي لم يأتني، وأنا في ثوب امرأة، إلا عائشة"، قالت: فقالت: أتوب إلى اللَّه من أذاك يا رسول اللَّه، ثم إنهن دعون فاطمة، بنت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فأرسلت إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، تقول: إن نساءك
(١) سيأتي للمصنف بعد خمسة أحاديث، وأخرجه الترمذيّ برقم ٣٨٧٩.