للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّه تعالى. (ومنها): تحريم أكل الربا، وإعطاؤه، وسيأتي تمام البحث فيه في محلّه، من "كتاب البيوع"، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم التحليل:

قال الإمام الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى- بعد أن أخرج الحديث: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، منهم عمر بن الخطّاب، وعثمان بن عفّان، وعبد اللَّه بن عمرو، وغيرهم، وهو قول الفقهاء من التابعين، وبه يقول سفيان الثوريّ، وابن المبارك، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وسمعت الجارود يذكر عن وكيع أنه قال بهذا، وقال: ينبغي أن يرمَى بهذا الباب من قول أصحاب الرأي (١)، قال وكيع: وقال سفيان: إذا تزوّج المرأة ليُحللها، ثم بدا له أن يمسكها، فلا يحلّ له أن يمسكها حتى يتزوّجها بنكاح جديد. انتهى كلام الترمذيّ -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

وقال الحافظ في "التلخيص": استدلّوا بهذا الحديث على بطلان النكاح، إذا اشتَرَطَ الزوجُ إذا نكحها بانت منه، أو شرط أنه يطلّقها، أو نحو ذلك، وحملوا الحديث على ذلك، ولا شكّ أن إطلاقه يشمل هذه الصورة، وغيرهلالكن روى الحاكم، والطبرانيّ في "الأوسط" عن عمر - رضي اللَّه عنه - أنه جاء إليه رجلٌ، فسأله عن رجل طلّق امرأته ثلاثًا، فتزوّجها أخ له عن غير مؤامرة؛ ليحلّها لأخيه، هل تحلّ للأول؟ قال: لا، إلا بنكاح رغبة، كنّا نعُدّ هذا سِفَاحًا على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. قال: وقال ابن حزم: ليس الحديث على عمومه في كلّ محلّل، إذ لو كان كذلك لدخل فيه كلّ واهب، وبائع، ومزوّج، فصح أنه أراد به بعض المحلّلين، وهو من أحلّ حرامًا لغيره بلا حجّة، فتعيّن أن يكون ذلك فيمن شرط ذلك؛ لأنهم لم يختلفوا في أن الزوج إذا لم ينو تحليلها للأول، ونوته هي أنها لا تدخل في اللعن، فدلّ على أن المعتبر الشرط. واللَّه أعلم انتهى كلام الحافظ (٣). وقال العلامة ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: نكاح المحلّل حرام باطلٌ في قول عامّة أهل العلم، منهم الحسن، والنخعيّ، وقتادة، ومالكٌ، والليث، والثوريّ، وابن


(١) قال العلامة المباركفوريّ -رحمه اللَّه تعالى-: [تنبيه]: قول الإمام وكيع هذا يدلّ دلالة ظاهرة على أنه لم يكن حنفيًّا مقلّدًا للإمام أبي حنيفة، فبطل قول صاحب "العرف الشذيّ": إن وكيعًا كان حنفيًّا مقلّدًا لأبي حنيفة انتهى. "تحفة الأحوذيّ" ٤/ ٢٦٦.
(٢) "جامع الترمذيّ" ٤/ ٢٦٤ - ٢٦٦. بنسخة "تحفة الأحوذيّ".
(٣) "التلخيص الحبير" ٣/ ٣٤٩ - ٣٥١.