(١٣٢). وقال السعديّ: كان يُخاصم في الإرجاء داعية، وهو متماسك. وقال الحاكم، عن الدارقطنيّ: ثقة، يُجمع حديثه. وقال العجليّ: كان صالحًا. وقال ابن حبّان: كان ممن يرى الإرجاء، ويقلب الأخبار، ويتفرّد بالمعضلات عن الثقات، اتّهم بأمر سوء، فقُتل صبرًا. أخرج له البخاريّ، وأبو داود، والمصنّف، وابن ماجه، وله عند البخاريّ حديثان، وعند المصنّف حديث الباب فقط.
٦ - (ابن عباس) عبد اللَّه البحر الحبر - رضي اللَّه تعالى عنهما - ٢٧/ ٣١. واللَّه تعالى أعلم.
لطائف هذا الإسناد:
(منها): أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-. (ومنها): أن رجاله عندهم رجال الصحيح، غير شيخه، فإنه من أفراده. (ومنها): أن فيه ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - من العبادلة الأربعة، والمكثرين السبعة، روى (١٦٩٦) حديثًا. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ) - رضي اللَّه تعالى عنهما - (قَالَ) الظاهر أن الضمير لسعيد، لا لابن عباس؛ لأنه يلزم فيه الالتفات (أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنِّي جَعَلْتُ امْرَأَتِي عَلَيَّ حَرَامًا، قَالَ) ابن عباس (كَذَبْتَ) أي لأن التحريم والتحليل ليس إلا للَّه تعالى، فما حرّمه، فهو الحرام، وما أحلّه فهو الحلال، ولا يجوز لأحد أن يتولّى ذلك، فقد نهى اللَّه تعالى ذلك، فقال في محكم التنبزيل:{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} الآية [النحل: ١١٦]، (لَيْسَتْ عَلَيْكَ بِحَرَامٍ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الآيَةَ:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}[التحريم: ١]) هذا بظاهره يدلّ أن هذه الآية نزلت في تحريم المرأة، كما جاء أن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - حرّم جاريته مارية رضي اللَّه تعالى عنها، فنزلت، والحديث الآتي في الباب التالي يدلّ على أنها نزلت في شربه - صلى اللَّه عليه وسلم - العسل عند زينب بنت جحش - رضي اللَّه تعالى عنها -، وقد تقدّم في "كتاب عشرة النساء" تحقيق ذلك، وأن الأصحّ أن الآية نزلت في الأمرين جميعًا، فراجعه تزدد علمًا (عَلَيْكَ أَغْلَظُ الكَفَّارَةِ) قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: لعلّه أُغلظ في ذلك لينزجز الناس، ويرتدعوا عن ذلك، وإلا فظاهر الآية يقتضي كفّارة اليمين، فقد قال اللَّه تعالى:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}[التحريم: ٢]، فيُتأمّل انتهى (١).