للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ليس المراد من قول ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا أنه يتعيّن عليه عتق الرقبة، بل ذلك من الحكم بالنظر لحال الرجل، حيث رآه موسرًا، فأراد أن يغلّظ عليه، زجرًا له، لا لتعيّنه عليه، قال الحافظ في "الفتح": كأنه أشار عليه بالرقبة لأنه عرف أنه موسرٌ، فأراد أن يكفّر بالأغلظ، من كفّارة اليمين، لا أنه يتعيّن عليه عتق الرقبة، ويدلّ عليه ما تقدّم عنه من التصريح بكفّارة اليمين انتهى.

وأشار بقوله: "ما تقدّم عنه" إلى ما أخرجه البخاريّ في "كتاب التفسير" عن سعيد بن جبير، عنه قال: "في الحرام يُكفّر". ووقع في رواية ابن السكن: "يمينٌ تُكفّر"، ووقع في بعض حديث ابن عباس، عن عمر: "فعاتبه اللَّه في ذلك، وجعل له كفّارة يمين".

(عِتْقُ رَقَبَةٍ) بالرفع بدل من "أغلظُ"، أو خبر لمبتدإ محذوف، أي هو عتق رقبة، ويحتمل النصب، أي أعني عتق رقبة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٦/ ٣٤٤٨ - وفي "الكبرى" ١٧/ ٥٦١٣. وأخرجه (خ) في "التفسير" ٤٩١١ (م) في "الطلاق" ١٤٧٣ (ق) في "الطلاق" ٢٠٧٣.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم فيمن قال لامرأته: أنت عليّ حرام:

قال أبو عبد اللَّه القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "تفسيره": اختلف العلماء في الرجل يقول لزوجته: "أنت عليّ حرام" على ثمانية عشر قولاً:

(أحدها): لا شيء عليه. وبه قال الشعبيّ، ومسروق، وربيعة، وأبو سلمة، وأصبغ، وهو عندهم كتحريم الماء والطعام، قال اللَّه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآية. والزوجة من الطيّبات، ومما أحلّ اللَّه. وقال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا} الآية. وما لم يُحرّمه اللَّه فليس لأحد أن يُحرّمه، ولا يصير بتحريمه حرامًا، ولم يثبت عن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال لما أحلّ اللَّه: هو عليّ حرام، وإنما امتنع من مارية ليمين تقدّمت منه، وهو قوله: "واللَّه لا أقربها بعد اليوم"، فقيل له: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ}، أي لم تمتنع منه بسبب اليمين؟، يعني أقدِمْ عليه، وكفّر.

(وثانيها): أنها يمين يُكفّرها. قاله أبو بكر الصّدّيق، وعمر بن الخطّاب، وعبد اللَّه