للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحسن هذا؟ لقد تحمّل صخرة عظيمة، منكرًا لهذا الحديث، قال أحمد: أما أبو حسن

فهو عندي معروف، ولكن لا أعرف عمر بن معتّب.

قال أبو بكر: إن صحّ الحديث فالعمل عليه، وإن لم يصحّ فالعمل على حديث عثمان وزيد، وبه أقول انتهى (١).

قال العلاّمة ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى-: وحديث عثمان وزيد الذي أشار إليه هو ما رواه الأثرم في "سننه" عن سليمان بن يسارة "أن نُفيعًا، مكاتب أم سلمة طلّق امرأته حرّة بتطليقتين، فسأل عثمان وزيد بن ثابت عن ذلك؟ فقالا: حَرُمت عليك" انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الظاهر أنه إن كان الطلقتان بكلمة واحدة، فكالطلاق الثلاث من الحرّ، وقد سبق أنها تعتبر طلقة واحدة، وإن لم تكن بكلمة واحدة، فالمذهب الأول هو الأرجح؛ لأنه حينما طلّقها طلّقها طلاقًا تحرم به الرجعة، فلا يُرفع هذا التحريم بعتقه، ولو صحّ حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - لقلنا به، لكنه لم يصحّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم، هل الطلاق يعتبر بالرجال، أم بالنساء؟:

قال العلامة ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: إن الطلاق معتبر بالرجال، فإن كان الزوج حرًّا، فطلاقه ثلاث، حرّة كانت الزوجة أو أمةً، وإن كان عبدًا، فطلاقه اثنتان حرّة كانت زوجته أو أمة، فإذا طلّق اثنتين حَرُمت عليه، حتى تنكح زوجًا غيره. روي ذلك عن عمر، وعثمان، وزيد، وابن عبّاس. وبه قال سعيد بن المسيّب، ومالكٌ، والشافعيّ، وإسحاق، وابن المنذر. وقال ابن عمر: أيهما رَقَّ نقص الطلاق برقّه، فطلاق العبد اثنتان، وإن كان تحته حرّة، وطلاق الأمة اثنتان، وإن كان زوجها حرًّا. وروي عن عليّ، وابن مسعود، أن الطلاق معتبرٌ بالنساء، فطلاق الأمة اثنتان، حرًّا كان الزوج أو عبدًا، وطلاق الحرّة ثلاث، حرًّا كان زوجها، أو عبدًا. وبه قال الحسن، وابن سيرين، وعكرمة، وعَبيدة، ومسروق، والزهريّ، والحكم، وحمّاد، والثوريّ، وأبو حنيفة؛ لما روت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، أنه قال: "طلاق الأمة تطليقتان، وقرؤها حيضتان". رواه أبو داود، وابن ماجه. ولأن المرأة محلّ للطلاق، فيُعتبر بها كالعدّة. ولنا أن اللَّه تعالى خاطب الرجال بالطلاق، فكان حكمه معتبرًا بهم، ولأن الطلاق خالص حقّ الزوج، وهو مما يختلف بالرقّ والحريّة، فكان اختلافه به كعَدَد المنكوحات. وحديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، قال أبو داود: راويه مظاهر بن أسلم، وهو منكر الحديث. وقد أخرجه الدارقطنيّ في "سننه" عن عائشة - رضي اللَّه


(١) "المغني" ١٠/ ٥٣٥ - ٥٣٦.
(٢) "تهذيب السنن" ٦/ ٢٥٦ بنسخة "عون المعبود".