فتبصّر بالإنصاف، ولا تتحيّر بتقليد ذوي الاعتساف. واللَّه الهادي إلى سواء السبيل.
(عَنْ ثَلَاثٍ) أي ثلاث أنفس، وفي نسخة، وهو الذي في "الكبرى": "عن ثلاثة" بالتاء، فيقدّر تمييزه مذكّرًا، أي ثلاثة أصناف من الناس (عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيقِظَ) غاية مستقبلة، والفعل المغيّا بها ماضٍ، والماضي لا يجوز أن تكون غايته مستقبلة. وجوابه أن تقديره: رُفع القلم عن النائم، فلا يزال مرفوعًا حتى يستيقظ، أو فهو مرتفعٌ حتى يستيقظ (١)(وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ) بفتح الموحّدة، يقال: كَبِرَ الصبيّ وغيره يَكْبَرُ، من باب تَعِبَ مَكْبِرًا، مثلُ مسجِدٍ، وكِبَرًا، وِزانُ عِنَبً، فهو كبير، وجمعه كِبَارٌ، والأُنثى كبيرةٌ. وكَبُر الشيءُ كُبْرًا، من باب قَرُبَ: عَظُمَ، فهو كَبيرٌ أيضًا. قاله الفيّوميّ. والمناسب هنا الأول. وفي رواية:"وعن الصبيّ حتى يَحتلم".
(وَعَنِ الْمَجنُونِ) وفي رواية: "وعن المُبْتَلَى حتى يبرأ"، وفي رواية:"وعن المعتوه"، وكلُّها متقاربُ المعنى (حَتَّى يَعْقِلَ) بفتح أوله، وكسر ثالثه، وفتحه، أي إلى أن يرجع إليه تدبّره، وفهمه للأمور، يقال: عَقَلتُ الشيءَ عَقلاً، من باب ضرب: تدبّرتُهُ، وعَقِلَ يَعْقَلُ، من باب تَعِبَ لغةٌ، ثم أُطلق العقلُ الذي هو المصدر على الحِجَا واللُّبّ، ولهذا قال بعض الناس: العقل غريزة يتهيّأُ بها الإنسان إلى فهم الخطاب، فالرجل عاقلٌ، والجمعُ عُقَّالٌ، مثلُ كافر وكُفَّار، وربّما قيل: عُقلاء، وامرأةٌ عاقلٌ، وعاقلةٌ، كما يقال فيها: بالغٌ، وبالغةٌ، والجمع عَوَاقلُ، وعاقلاتٌ. قاله الفيّوميّ (أَوْ) للشكّ من الراوي (يُفِيقَ) بضمّ أوله، يقال: أفاق المجنون إفاقةً: رجع إليه عقله، وأفاق السكران إفاقةً، والأصل أفاق من سُكْره كما استيقظ من نومه، قاله الفيّوميّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا صحيح.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٢١/ ٣٤٥٩ - وفي "الكبرى" ٢٢/ ٥٦٢٥. وأخرجه (د) في "الحدود" ٤٣٩٨ (ق) في "الطلاق" ٢٠٤١ (أحمد) في "باقي مسند الأنصار" ٢٤١٧٣ و ٢٤١٨٢ (الدارمي) في "الحدود" ٢٢٩٦ (ابن حبّان) ١٤٩٦ (ابن الجارود في المنتقى) ص ٧٧
(١) ذكر هذا في هامش "سنن أبي داود" في النسخة الهنديّة في "كتاب الحدود - "باب في "المجنون يسرق، أو يُصيب حدًّا".