تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٢٣/ ٣٤٦٣ - وفي "الكبرى" ٢٤/ ٥٦٢٩. وأخرجه (م) في "الأشربة" ٢٠٢٢٧ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٣٤٥٧ (الدارمي) في "الأطعمة" ٢٠٦٧. واللَّه تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان وقوع الطلاق بالإشارة المفهومة، ووجه الاستدلال بالحديث أن الإشارة المفهومة تستعمل في المقاصد؛ لأن الفارسيّ دعا النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - للطعام بالإشارة، ففهمها - صلى اللَّه عليه وسلم -، وبنى على ذلك، أن طلب منه الإذن لعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -، وراجعه في ذلك حتى أذن لها، فمضيا إلى بيته بناء على ذلك، فدلّ على أن الإشارة تقوم مقام العبارة إذا كانت مفهومة. (ومنها): جواز أكل المرق، والطيبات، قال اللَّه تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ
مِنَ الرِّزْقِ} الآية. (ومنها): أن في امتناع النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من إجابة دعوة الفارسيّ، إلا أن يأذن لعائشة دليلٌ على أنه لا تجب إجابة الدعوة في مثل ذلك؛ فيكون من مسقطات وجوب إجابة الدعوة. قال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: ما معناه: هذا محمول على أنه كان هناك عذز يمنع وجوب إجابة الدعوة، فكان النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مخيّرًا بين إجابته، وتركها، فاختار أحد الجائزين، وهو تركها، إلا أن يأذن لعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -؛ لما كان بها من الجوع، أو نحوه، فكره - صلى اللَّه عليه وسلم - الاختصاص بالطعام دونها، وهذا من جميل المعاشرة، وحقوق المصاحبة، وآداب المجالسة، فلما أذن لها اختار النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - الجائز الآخر؛ لتجدّد المصلحة، وهو حصول ما كان يريده، من إكرام جليسه، وإيفاء حقّ معاشره، ومواساته فيما يحصل. انتهى كلام النوويّ (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي في قوله: "على أنه كان هناك عذر يمنع الخ" نظر، إذ الظاهر من سياق الحديث أن المانع من الإجابة هو عدم سماح الفارسيّ لعائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - في مصاحبته - صلى اللَّه عليه وسلم - في أكل الطعام، لا أمر آخر، فيُستفاد منه أن