للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وابن سيرين. أخرجه ابن أبي شيبة. وقال الباقون: يكون فسخًا، لا طلاقًا انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يظهر لي أن الأرجح القول بأنه فسخٌ؛ لظهور معنى الفسخ فيه أكثر من ظهور معنى الطلاق، حيث إنه ليس فيه كلام للزوج، وأنه من قبل المرأة، فيترجّح كونه فسخًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في وقت خيار الأمة:

قال ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى-: خيار المعتقة على التراخي، ما لو يوجد أحد أمرين: عتق زوجها، أو وطؤه لها، وممن قال: إنه على التراخي مالكٌ، والأوزاعيّ، وروي ذلك عن عبد اللَّه بن عمر، وأخته حفصة، وبه قال سليمان بن يسار، ونافعٌ، والزهريّ، وقتادة، وحكاه بعض أهل العلم عن الفقهاء السبعة.

وقال أبو حنيفة، وسائر العراقيين: لها الخيار في مجلس العلم. وللشافعيّ ثلاثة أقوال: أظهرها كقولنا. والثاني: أنه على الفور، كخيار الشفعة. والثالث أنه إلى ثلاثة أيام.

ولنا ما روى الإمام أحمد في "المسند" بإسناده عن الحسن بن عمرو بن أميّة، قال: سمعت رجالاً يتحدَّثون عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه قال: "إذا أُعتقت الأمة، فهي بالخيار، ما لم يطأها، إن شاءت فارقته، وإن وطئها فلا خيار لها" (٢). ورواه الأثرم أيضًا. وروى أبو داود أن بريرة عتقت، وهي عند مغيث، عبد لآل أحمد، فخيّرها النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقال لها: "إن قربك فلا خيار لك" (٣). ولأنه قول من سمّينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم. قال ابن عبد البرّ: لا أعلم لابن عمر، وحفصة مخالفًا من الصحابة. ولأن الحاجة داعية إلى ذلك فثبت، كخيار القصاص، أو خيارٍ لدفع ضرر متحقّق، فأشبه ما قلناه. انتهى (٤).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن ما ذهب إليه الإمام أحمد، ومن معه من أن تخيير الأمة على التراخي أرجح؛ لإطلاق تخيير الشارع لها، دون أن يقيّده بوقت دون وقت. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٤٧٥ - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ قَضِيَّاتٍ: أَرَادَ


(١) "فتح"١٠/ ٥١٢.
(٢) راه أحمد برقم ٢٢٦٩٧ - وفي سنده ابن لهيعة.
(٣) ضعيفٌ, لأن في إسناده محمد بن إسحاق، وهو مدلّس، وقد عنعنه.
(٤) "المغني" ١٠/ ٧١.