للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما رواية ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -، فرواها البخاريّ من رواية القاسم بن محمد، عنه: "أن زوج بريرة كان عبدًا، يقال له: مُغيث، كأني انظر إليه يطوف خلفها يبكي … " الحديث. ورواه أحمد، وأبو داود، والترمذيّ، والطبرانيّ، وفي رواية للترمذيّ: "أن زوج بريرة كان عبدًا أسود لبني المغيرة يوم أُعتقت". انتهى ما في "التلخيص" ببعض تصرّف (١).

وقال في "الفتح" بعد أن ذكر أن البخاريّ أورده في "الفرائض" عن حفص بن عمر، عن شعبة، وزاد في آخره: قال الحكم: وكان زوجها حرًّا"، ثم أورده بعده من طريق منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، ثم قال: قال الأسود: وكان زوجها حرًّا. قال البخاريّ: قول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: "رأيته عبدًا" أصحّ، وقال في الذي قبله في قول الحكم نحو ذلك.

ثم قال: فظهر أن هذه الزيادة مدرجة. قال: وقد قال الدارقطنيّ في "العلل": لم يُختلف على عروة، عن عائشة أنه كان عبدًا، وكذا قال جعفر بن محمد بن عليّ، عن أبيه، عن عائشة، وأبو الأسود، وأسامة بن زيد، عن القاسم.

قال الحافظ: وقع لبعض الرواة فيه غلطٌ، فأخرج قاسم بن أصبغ في "مصنّفه"، وابن حزم من طريقه، قال: أنبأنا أحمد بن يزيد المعلّم، حدّثنا موسى بن معاوية، عن جرير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة: "كان زوج بريرة حرًّا". وهذا وهم من موسى، أو من أحمد، فإن الحفّاظ من أصحاب هشام، ومن أصحاب جرير، قالوا: "كان عبدًا"، منهم إسحاق بن راهويه، وحديثه عند النسائيّ، وعثمان بن أبي شيبة، وحديثه عند أبي داود، وعليّ بن حُجْر، وحديثه عند الترمذيّ، وأصله عند مسلم، وأحال به على رواية أبي أسامة، عن هشام، وفيه: أنه كان عبدًا. قال الدارقطنيّ: وكذا قال أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه. قال الحافظ: وراوه شعبة، عن عبد الرحمن، فقال: كان حرًّا، ثم رجع عبد الرحمن، فقال: ما أدري. قال الدارقطنيّ: وقال عمران بن حُدير، عن عكرمة، عن عائشة، كان حرًّا، وهو وَهمٌ. قال الحافظ: وهِمَ في شيئين: في قوله: "حرًّا وفي قوله: "عائشة"، وإنما هو من رواية عكرمة، عن ابن عبّاس، ولم يُختلف على ابن عبّاس في أنه كان عبدًا. وكذا جزم به الترمذيّ عن ابن عمر، وحديثه عند الشافعيّ، والدارقطنيّ، وغيرهما. وكذا أخرجه النسائيّ -أي في "الكبرى" - من حديث صفيّة بنت أبي عُبيد، قالت: كان زوج بريرة


(١) "التلخيص الحبير" ٣/ ٣٦٣ - ٣٦٥. تحقيق أبي عاصم حسن عباس قطب.