للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(يَقُولُونَ: أَعْتِقْ فُلَانًا، وَالْوَلَاءُ لِي، كِتَابُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَحَقُّ) أي بالاتباع من الشروط المخالفة له. وقال القرطبيّ: أي حكم اللَّه، كما قال - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحديث الآخر -لما قال له الخصم: اقض بيننا بكتاب اللَّه تعالى - فقال: "لأقضينّ بينكما بكتاب اللَّه"، ثم قضى على الزاني البكر بالجلد والتغريب، وعلى الزانية بالرجم، وليس الرجم، والتغريب موجودين في كتاب اللَّه تعالى، لكن في حكهم اللَّه المسمّى بالسنّة، وكذلك اختصاص الولاء بالمعتِق ليس موجودًا في كتاب اللَّه، لكن في حكم اللَّه به على لسان رسوله - صلى اللَّه عليه وسلم -

مما يُسمّى سنّة انتهى (١).

(وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ) أي باتباع حدوده التي حدّها، وليس أفعل التفضيل هنا على حقيقتها، إذ لا مشاركة بين الحقّ والباطل، وقد وردت صيغة "أفعل" لغير التفضيل كثيرًا. ويحتمل أن يُقال: ورد ذلك على ما اعتقدوه من الجواز. قاله في "الفتح" (٢).

(وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ) أي في حكمه سبحانه وتعالى (فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ") قال النوويّ: معنى قوله: "ولو مائة شرط" أي لو شرط مائة مرّة توكيدًا، فهو باطلٌ. ويؤيّده قوله في الرواية الأخيرة: "وإن شرط مائة مرّة"، وإنما حمله على التأكيد؛ لأن العموم في قوله: "كلّ شرط وفي قوله: "من اشترط شرطًا" دالّ على بطلان جميع الشروط المذكورة، فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة، فإنها لو زادت عليها كان الحكم كذلك لما دلّت عليها الصيغة. نعم طريق أيمن، عن عائشة عند البخاريّ: "بلفظ: "فقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق، وإن اشترطوا مائة شرط"، وإن احتمل التأكيد، لكنه ظاهر في أن المراد به التعدّد، وذكر المائة على سبيل المبالغة. وقال القرطبيّ: قوله: "ولو كان مائة شرط" خرج مخرج التكثير، يعني أن الشروط الغير المشروعة باطلة، ولو كثرت، ويُفيد دليل خطابه أن الشروط المشروعة صحيحة، كما قد نصّ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - بقوله: "المؤمنون على شروطهم، إلا شرطًا أحلّ حرامًا، أو حرّم حلالاً". أخرجه الترمذيّ من حديث عمرو بن عوف، وقال: حديث حسن انتهى (٣).

(فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - مِنْ زَوْجِهَا، وَكَانَ عَبْدًا، فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا، قَالَ: عُرْوَةُ: فَلَوْ كَانَ حُرًّا، مَا خَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) تقدَّم شرح ما يتعلّق بهذا الجزء قبل باب. والحديث متّفقٌ عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٤٧٩ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ سَلَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا


(١) "المفهم" ٤/ ٣٢٧.
(٢) "فتح" ٥/ ٥٠٣. "كتاب العتق".
(٣) "المفهم" ٤/ ٣٢٧.