للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يبطل الشرط، ويشترط في الثمن شروط من أوصافه، أو من نجومه، ونحو ذلك، فلا يبطل.

وقال النوويّ: قال العلماء: الشروط في البيع ونحوه أقسام:

[أحدها]: شرط يقتضيه إطلاق العقد، بأن شرط تسليمه إلى المشتري، أو تبقية الثمرة على الشجرة إلى أوان الجداد، أو الردّ بالعيب.

[الثاني]: شرط فيه مصلحةٌ، وتدعو إليه الحاجة، كاشتراط الرهن، والضمين، والخيار، وتأجيل الثمن، ونحو ذلك، وهذان القسمان جائزان، ولا يؤثّران في صحّة العقد، بلا خلاف.

[الثالث]: اشتراط العتق في العبد المبيع، أو الأمة، وهذا جائزٌ أيضًا عند الجمهور؛ لحديث عائشة، وترغيبًا في العتق؛ لقوّته، وسرايته.

[الرابع]: ما سوى ذلك من الشروط، كشرط استثناء منفعة، وشرط أن يبيعه شيئًا آخر، أو يكريه داره، أو نحو ذلك، فهذا شرط باطلٌ، مبطلٌ للعقد. هكذا قال الجمهور. وقال أحمد: لا يبطله شرط واحد، وإنما يبطله شرطان. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ (١).

وقال القرطبيّ: قوله: "ليس في كتاب اللَّه"، أي ليس مشروعًا في كتاب اللَّه تأصيلاً، ولا تفصيلاً. ومعنى هذا أنّ من الأحكام، والشروط ما يؤخذ تفصيلها من كتاب اللَّه، كالوضوء، وكونه شرطّا في صحّة الصلاة. ومنها ما يوجد فيه أصله، كالصلاة، والزكاة، فإنهما فيه مجملتان. ومنها ما يوجد أصل أصله، وهو كدلالة الكتاب على أصليّة السنة، والإجماع، والقياس، فكلّ ما يُقتبسُ من هذه الأصول تفصيلاً فهو مأخوذ من كتاب اللَّه تاصيلاً.

وعلى هذا: فمعنى الحديث أن ما كان من الشروط مما لم يدلّ على صحّته دليلٌ شرعيّ كان باطلاً، أي فاسدًا مردودًا. وهذا كما قال - صلى اللَّه عليه وسلم - في الحديث الصحيح: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو ردّ". متّفقٌ عليه.

وفي هذا من الفقه ما يدلّ على أن العقود الشرعيّة إذا قارنها شرطٌ فاسدٌ بطل ذلك الشرط خاصّةً، وصحّ العقد. لكن هذا إنما يكون إذا كان ذلك الشرط خارجًا عن أركان العقد، كاشتراط الولاء في الكتابة، واشتراط السلف في البيع، فلو كان ذلك الشرط مُخلاًّ بركن من أركان العقد، أو مقصودًا، فُسخ العقد والشرط. انتهى كلام القرطبيّ (٢).


(١) "شرح مسلم" ١٠/ ٣٨١. "كتاب العتق".
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٢٦ - ٣٢٧. "كتاب العتق".