للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من فاعل "يبكين" (فَدَخَلْتُ الْمَسْجِدَ) أي النبويّ، فـ "ال" فيه للعهد الذهنيّ، أو الحضوري، إن كان تحديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - وقع في المسجد نفسه (فَإِذَا هُوَ مَلآنُ) غير منصرف للوصفية وزيادة الألف والنون (مِنَ النَّاسِ) هذا ظاهر في حضور ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذه القصّة، وحديثه الطويل الذي سنذكره، يشعر بأنه ما عرف القصّة إلا من عمر - رضي اللَّه عنه -، لكن يحتمل أن يكون عرفها مجملة، ففصّلها عمر - رضي اللَّه عنه - له لَمّا سأله عن المتظاهرتين. قاله في "الفتح" (١) (قَالَ) ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - (فَجَاءَ عُمَرُ) بن الخطاب (- رَضِي اللَّه عَنْه -، فصَعِدَ) بكسر العين المهملة، قال في "القاموس": صَعِدَ في السُّلّم، كَسَمِعَ، صُعُودًا, وصَعْدَ في الجبل، وعليه تصعيدًا: رَقِيَ، ولم يُسمَع صَعِد فيه انتهى (إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، وَهُوَ فِي عُلِّيَّةِ لَهُ) بكسر العين المهملة، وضمّها لغةٌ، واللام مشدّدةٌ: هي المكان العالي، وهي الغُرْفة، والأصل عِلّيْوَة، فقُلبت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء، للقاعدة المشهورة أنه إذا اجتمعت الواو والياء في كلمة، وسبقت إحداهما بالسكون الأصليّ، وجب قُلب الواو ياء، وإدغامها في الياء، كما قال في "الخلاصة":

إِنْ يِسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاو وَيَا … وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا

فَيَاء الْوَاوَ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا … وَشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا

والجمع الْعَلَالِيّ (٢).

وزاد في رواية الإسماعليّ، من طريق عبد الرحيم بن سُليمان، عن أبي يعفور: "في غُرفة ليس عنده فيها إلا بلال".

(فَسَلَّمَ عَلَيْهِ) أي على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - (فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ) لعله لم يُسمع تسليمه، أو ردّ عليه، لكن عمرء - رضي اللَّه عنه - يسمع الجواب (ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَرَجَعَ،) أي انصرف إلى بيته، أو محلّ حاجته (فَنَاَدَى بلَالاً) هكذا في رواية المصنّف هنا، وفي "الكبرى" بنصب بلال، والظاهر أن الصواب فيه الرفع؛ لأنه الفاعل، والمفعول محذوف ضمير عمر - رضي اللَّه عنه -، يدلّ على ذلك ما في "الفتح"، ونصّه: عند قول البخاريّ: "فناداه، فدخل على النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - ": كذا في جميع الأصول التي وقفت عليها من البخاريّ بحذف فاعل "فناداه"، فإن الضمير لعمر، وهو الذي دخل، وقد وقع مبيّنًا في رواية أبي نُعيم، ولفظه بعد قوله: "فسلّم": "فلم يجبه أحدٌ، فانصرف، فناداه بلالٌ، فدخل"، ومثله للنسائيّ، لكن قال: "فنادى بلالٌ" بحذف المفعول، وهو الضمير في


(١) "فتح" ١٠/ ٣٧٨ "كتاب النكاح" رقم ٥٢٠٣.
(٢) راجع "المصباح المنير".