رواية غيره. وعند الإسماعيليّ:"فسلّم، فلم يُجبه أحدٌ، فانحطّ، فدعاه بلالٌ، فسلّم، ثم دخل".
فظهر بما نقله صاحب "الفتح" من رواية النسائيّ أن نسخه مختلفة، والصواب "فنادى بلالٌ" بالرفع، والمفعول محذف، أي نادى بلالٌ عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -.
ويحتمل تصحيح ما وقع في نسختنا بأن يكون عمر نادى بلالاً لَمّا عرف أنه عند النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -؛ ليستأذن له في الدخول، لكن الأول أقرب. واللَّه تعالى أعلم.
ووقع في رواية مسلم عن ابن عباس، عن عمر - رضي اللَّه عنه - أن اسم الغلام الذي استأذن له رَبَاح، فيمكن أن يكون المراد بالحصر في رواية الإسماعيليّ المتقدّمة، حيث قال:"ليس عنده فيها إلا بلال" حصر من في داخل الغرفة، فيكون رباح قاعدًا على أُسْكُفّة الباب، وعند الإذن ناداه بلال، فأسمعه رباح، فبهذا يجتمع الخبران. كما أفاده في "الفتح".
(فَدَخَلَ عَلَى النَّبيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَ) عمر - رضي اللَّه عنه - (أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (لَا، وَلَكِنِّي آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا) أي حلفت، أو أقسمت أن لا أدخل عليهنّ مدّة شهر، وليس المراد به الإيلاء الذي في عرف الفقهاء اتفاقًا. قاله في "الفتح"(١). وقد تقدّم الاختلاف في سبب
إيلائه، هل هو شربه العسل عند زينب بنت جحش - رضي اللَّه تعالى عنها -، أو تحريمه جاريته مارية - رضي اللَّه تعالى عنها -، وقدّمنا أن الصحيح أن الأمرين جميعًا هما السبب في ذلك (فَمَكَثَ تِسْعَا وَعِشْرِينَ) أي من الليالي (ثُمَّ نَزَلَ) أي من تلك العلّيّة (فَدَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ).
[تنبيه]: قصّة إيلائه - صلى اللَّه عليه وسلم - قد ساقه الشيخان في "صحيحيهما"، مطوّلاً، أحببت إيراده هنا؛ لأنه من رواية ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - راوي حديث الباب، ولفظ البخاريّ في "كتاب النكاح":
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهريّ، قال: أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه ابن أبي ثور، عن عبد اللَّه بن عباس - رضي اللَّه عنهما -، قال: لم أزل حريصا على أن أسأل عمر بن الخطاب، عن المرأتين من أزواج النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، اللتين قال اللَّه تعالى:{إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} حتى حج، وحججت معه، وعَدَل، وعدلت معه بإداوة، فتبرز، ثم جاء، فسكبت على يديه منها، فتوضأ، فقلت له: يا أمير المؤمنين: من المرأتان، من أزواج النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، اللتان قال اللَّه تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ