مضطجع، على رِمَال حَصِير ليس بينه وبينه فراش، قد أَثّر الرمال بجنبه، متكئا على وسادة من أَدَمٍ، حشوها لِيفٌ، فسلمت عليه، ثم قلت: وأنا قائم، يا رسول اللَّه، أطلقت نساءك؟ فرفع إلى بصره، فقال: لا، فقلت: اللَّه أكبر، ثم قلت: وأنا قائم، أستأنس، يا رسول اللَّه، لو رأيتني، وكنا معشر قريش، نغلب النساء، فدما قدمنا المدينة، إذا قوم تغلبهم نساؤهم، فتبسم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم قلت: يا رسول اللَّه لو رأيتَنِي، ودخلت على حفصة، فقلت لها: لا يَغُرّنكِ، أن كانت جارتك أوضأ منك، وأحب إلى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -يريد عائشة- فتبسم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - تبسمة أخرى، فجلست حين رأيته تبسم، فرفعت بصري في بيته، فواللَّه ما رأيت في بيته شيئا، يَرُدّ البصر غير أَهَبَةٍ ثلاثة، فقلت: يا رسول اللَّه، ادع اللَّه، فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم، قد وُسِّعَ عليهم، وأُعُطوا الدنيا، وهم لا يعبدون اللَّه، فجلس النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وكان متكئا، فقال:"أوفي هذا أنت يا ابن الخطاب، إن أولئك قوم، عُجِّلُوا طيباتهم في الحياة الدنيا"، فقلت: يا رسول اللَّه، استغفر لي، فاعتزل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - نساءه، من أجل ذلك الحديث، حين أفشته حفصة إلى عائشة، تسعا وعشرين ليلة، وكان قال: ما أنا بداخل عليهن شهرا، من شدة مَوْجِدَته عليهن، حين عاتبه اللَّه، فلما مضت تسع وعشرون ليلة، دخل على عائشة، فبدأ بها، فقالت له عائشة: يا رسول اللَّه، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلة، أَعُدّها عَدًّا، فقال:"الشهر تسع وعشرون ليلة"، فكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ليلة، قالت عائشة: ثم أنزل اللَّه تعالى آية التخيير، فبدأ بي، أول امرأة من نسائه، فاخترته، ثم خير نساءه كلهن، فقلن مثل ما قالت عائشة. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا-٣٢/ ٣٤٨٢ - وفي "الكبرى" ٣٣/ ٥٦٤٩. وأخرجه (خ) في "النكاح" ٥٢٠٣ (م) في "الطلاق" ١٤٧٩. واللَّه تعالى أعلم.