(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان مشروعية الإيلاء.
(ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من الصبر على زوجاته، والإغضاء عن أخطائهنّ، والصفح عما يقع منهنّ من الزلل. (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من محبّة الاطلاع على أحوال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، جلّت، أو قلّت، وشدّة اهتمامهم بما يهتمّ له، حيث اجتمعوا في المسجد لَمّا سمعوا اعتزاله - صلى اللَّه عليه وسلم - عن أهله.
(ومنها): جواز اتخاذ الحاكم عند الخلوة بوّابًا يمنع من يدخل عليه دون استئذان، فقد اتّخذ النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - غلامًا يجلس على باب علّيّته. فيحمل قول أنس - رضي اللَّه عنه - في قصّة تلك المرأة التي كانت جالسة عند القبر تبكي، فوعظها - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت له: إليك عنّي، فإنك لم تُصَب بمصيبتي، فلما أخبرت أنه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، ندمت، فجاءت إليه لتعتذر، فلم تجد عنده بوّابين الخ على الأوقات التي يجلس فيها للناس. وقال المهلّب -رحمه اللَّه تعالى-: فيه أن للإمام أن يحتجب عن بطانته، وخاصّته عند أمر يطرقه من جهة أهله، حتى يذهب غيظه، ويخرُج إلى الناس، وهو منبسطٌ إليهم، فإن الكبير إذا احتجب لم يَحسُن الدخول إليه بغير إذن، ولو كان الذي يريد أن يدخل جليل القدر، عظيم المنزلة عنده. (ومنها): الرفق بالأصهار، والحياء منهم إذا وقع للرجل من أهله ما يقتضي معاتبتهم.) ومنها): بيان أبي الضّحَى للذين اختلفوا عنده في مدّة الشهر، هل ثلاثون يومًا، أو تسعة وعشرون بما سمعه عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - من هذه القصّة، وذلك أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - لما قالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: يا رسول اللَّه، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علينا شهرًا، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ليلةً، أعدّها عدًّا، قال:"الشهر
تسعٌ وعشرون ليلة". يعني أن بعض الشهور يكون تسعًا وعشرين، وبعضها ثلاثين يومًا، فحصل بذلك جواب كلا الفريقين المختلفين.
(ومنها): جواز تكرير السلام، والاستئذان لمن لم يؤذن له، إذا رجا حصول الإذن، وأنه لا يجاوز به ثلاثًا، وقد أخرج الشيخان من حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا:"إذا استأذن أحدكم ثلاثًا، فلم يؤذن له، فليرجع". (ومنها): جواز سكنى الغرفة، ذات الدرج، واتخاذ الخِزانة لأثاث البيت والأمتعة. (ومنها): تذكير الحالف بيمينه، إذا وقع منه ما ظاهره نسيانها، لا سيّما ممن له تعلّقٌ بذلك؛ لأن عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - خشيت أن يكون النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - نسي مقدار ما حلف عليه، وهو شهر، والشهر ثلاثون يومًا، أو تسعة وعشرون يومًا، فلما نزل في تسعة وعشرين ظنّت أنه ذَهِلَ عن القدر، أو أنّ الشهر لم يُهلّ، فأعلمها أن الشهر استهلّ، فإن الذي كان الحلف وقع فيه جاء تسعًا وعشرين يومًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.