للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الوطء الذي يحصل به الفيئة أن تغيب الحشفة في الفرج. قاله ابن قدامة -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في اختلاف أهل العلم في وجوب الكفّارة في الإيلاء:

قال ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: وإذا فاء لزمته الكفارة في قول أكثر أهل العلم. روي ذلك عن زيد، وابن عباس - رضي اللَّه عنهما -. وبه قال ابن سيرين، والنخعيّ، والثوريّ، وقتادة، ومالكٌ، وأهل المدينة، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي، وابن المنذر، وهو ظاهر مذهب الشافعيّ، وله قول آخر: لا كفّارة عليه، وهو قول الحسن، وقال النخعيّ: كانوا يقولون ذلك؛ لأن اللَّه تعالى قال: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. قال قتادة: هذا خالف الناس -يعني الحسن-.

قال: ولنا قول اللَّه تعالى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} الآية إلى قوله: {ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} الآية [المائدة: ٨٩] وقال سبحانه وتعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} الآية [التحريم: ٢]، وقال النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرًا منها، فاءت الذي هو خيرٌ، وكفّر عن يمينك"، متّفقٌ عليه. ولأنه حالف حانثٌ في يمينه، فلزمته الكفّارة كما لو حلف على ترك فريضة، ثم فعلها، والمغفرة لا تنافي الكفّارة؛ فاللَّه تعالى قد غفر لرسوله - صلى اللَّه عليه وسلم - ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر، وقد كان يقول: "إني واللَّه لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرًا منها، إلا أتيت الذي هو خيرٌ، وتحلّلتها". متّفقٌ عليه انتهى كلام ابن قدامة - رحمه اللَّه تعالى - (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قول جمهور أهل العلم في وجوب الكفّارة على المولي إذا رجع هو الحقّ؛ لظهور أدلته كما سبق آنفًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٤٨٣ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ, عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: آلَى النَّبِيُّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا, فِي مَشْرَبَةٍ لَهُ, فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً, ثُمَّ نَزَلَ, فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ, أَلَيْسَ آلَيْتَ عَلَى شَهْرٍ, قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "خالد": هو ابن الحارث الْهُجيميّ البصريّ. و"حميد": هو ابن أبي حميد الطويل البصريّ. والسند مسلسل بالبصريين، وفيه محمد ابن المثنّى أحد التسعة الذين اتفق أصحاب الأصول الستة بالرواية عنهم بلا واسطة، وقد


(١) "المغني" ١١/ ٣٨.
(٢) "المغني" ١١/ ٣٨ - ٣٩. "كتاب الإيلاء".