للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عبد الرزّاق، عن معمر الآتية: "فاعتزلها حتى تفعل ما أمرك اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، وفي رواية المعتمر: "فاعتزل حتى تقضي ما عليك". والمراد به أداء الكفّارة التي ذكرها اللَّه تعالى في كتابه، حيث قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} إلى آخر الآيتين [المجادلة: ٣ - ٤]. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما - هذا صحيحٌ.

[فإن قلت]: كيف يكون صحيحًا، وسيأتي أن المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- سيُرجّح أن المرسل هو الصواب؟.

[قلت]: الظاهر أن الإرسال في مثل هذا لا يضرّ؛ لأن الذي وصله ثقة، وقد صحّحه الترمذيّ، والحاكم، وقال ابن حزم: رجاله ثقات، ولا يضرّ إرسال من أرسله. وقال الحافظ: رجاله ثقات. وقال في "البدر المنير": هذا الحديث صحيح. وقال المنذريّ: صححه الترمذيّ، ورجال إسناده ثقات، وسماع بعضهم من بعض مشهور، وترجمة عكرمة عن ابن عبّاس احتجّ بها البخاريّ في غير موضع. قال ابن الملقّن: وهو كما قال.

وأخرج له البزّار شاهدّا من طريق خُصيف، عن عطاء، عن ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أن رجلاً قال: يا رسول اللَّه إني ظاهرت من امرأتي، رأيت ساقها في القمر، فواقعتها قبل أن أكفّر، قال: "كفّر، ولا تعُد". وقال في "الفتح" بعد أن ذكر أحاديث الظهار، ومنها هذا الحديث: ما نصّه: وأسانيد هذه الأحاديث حسان. انتهى (١).

وقال الشيخ الألباني: وبالجملة فالحديث بطرقه، وشاهده صحيح. وقال أيضًا: له طريق أخرى عن ابن عبّاس يرويه إسماعيل بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أن رجلاً ظاهر من امرأته، فرأى خلخالها في ضوء القمر، فأعجبه، فوقع عليها، فأتى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال: "قال اللَّه تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} "، فقال: قد كان ذلك، فقال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أمسك حتى تكفّر". أخرجه الحاكم ٢/ ٢٠٤ والبيهقيّ ٧/ ٣٨٦. وإسماعيل بن مسلم، وهو المكيّ

ضعيف. ويشهد له حديث سلمة بن صخر الزرقيّ، قال: "تظاهرت من امرأتي، ثم


(١) "فتح" ١٠/ ٥٤٣.