للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له - صلى اللَّه عليه وسلم - بالرحمة انتهى (١).

والحديث صحيح بمجموع طرقه، كما سبق بيانه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٣٤٨٦ - (أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَنْبَأَنَا الْمُعْتَمِرُ ح وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ, قَالَ: سَمِعْتُ الْحَكَمَ بْنَ أَبَانَ, قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ, قَالَ: أَتَى رَجُلٌ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ, إِنَّهُ ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ, ثُمَّ غَشِيَهَا, قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ مَا عَلَيْهِ, قَالَ: «مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟» ,

قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ, رَأَيْتُ بَيَاضَ سَاقَيْهَا فِي الْقَمَرِ, قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «فَاعْتَزِلْ حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْكَ».

وَقَالَ إِسْحَاقُ فِي حَدِيثِهِ: «فَاعْتَزِلْهَا حَتَّى تَقْضِيَ مَا عَلَيْكَ» , وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الْمُرْسَلُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنَ الْمُسْنَدِ, وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "إسحاق": هو ابن راهويه. و"محمد بن عبد الأعلى": هو الصنعانيّ البصريّ. و"المعتمر": هو ابن سليمان التيميّ.

وقوله: "وقال إسحاق الخ" يعني أن إسحاق ابن راهويه ذكر في روايته الضمير المنصوب، وقال: "فاعتزلها"، وأما محمد بن عبد الأعلى، فحذفه، وقال: "فاعتزل"، وحذف الفضلة جائز، كما قال في "الخلاصة":

وَحَذفَ فَضْلَةٍ أَجِزْ إِنْ لَمْ يَضِرْ … كحَذْفِ مَا سِيقَ جَوَابًا أَوْ حُصِرْ

وقوله: "واللفظ محمد" يعني أن سياق المتن الذي ساقه هو لفظ محمد بن عبد الأعلى، وأما إسحاق فرواه بالمعنى. هذا هو الذي تقتضيه عبارته، وفيه نظر، إذ يقتضي أن شيخيه مختلفان في سياق الحديث، وإن اتفقا في المعنى، وهذا يعارض قوله: "وقال إسحاق في حديثه الخ"، إذ هو يقتضي أنهما متّفقان، إلا في هذا الحرف، فليُتأمّل.

وقوله: "قال أبو عبد الرحمن: المرسل أولى بالصواب من المسند"، أراد بالمسند المتّصل، يعني أن رواية من رواه عن عكرمة، عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - مرسلاً أولى ممن رواه عن عكرمة، عن ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - متّصلاً، وإنما رجّح المرسل على المتصل؛ للاختلاف على معمر، فإن عبد الرزاق رواه عنه بالإرسال، فخالف الفضل بن موسى، ووافق رواية المعتمر. وهكذا رجّح أبو حاتم المرسل على المتّصل، كما ذكره الحافظ في "التلخيص الحبير".


(١) "شرح السنديّ" ٦/ ١٦٩.