للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذا الاستدراك من عبد اللَّه بن أحمد، ومثله فيما سيأتي استدراك النسائيّ من أعجب ما رأيت من دون دليل، إلا التقليد الصرف.

عبّاد بن راشد التميميّ البصريّ، ثقة، قال أحمد بن حنبل: شيخ ثقة صدوق صالح. ووثقه العجليّ، والبزّار، وغيرهما، وضعّفه أبو داود وغيره، وذكره البخاريّ في "الضعفاء" ص ٢٣ وقال: روى عنه ابن مهديّ، يهم شيئًا، وتركه يحيى القطّان. فقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٣/ ١/ ٧٩: سألت أبي عن عباد بن راشد؟ فقال: صالح، واْنكر على البخاريّ إدخال اسمه في "كتاب الضعفاء"، وقال: يُحوّل من هناك، ومع ذلك فقد روى له البخاريّ في "صحيحه"، وزعم الحافظ في "التهذيب" ٥/ ٩٢ أنه روى له مقرونًا بغيره، وحديثه عند البخاريّ ٨/ ١٤٣ غير مقرون بأحد، وقد غيّر الحافظ العبارة في "مقدّمة الفتح" ص٤١٠، فقال: له في "الصحيح" حديث واحد في تفسير سورة البقرة بمتابعة يونس له، والمتابعة التي أشار إليها جاء بها البخاريّ معلّقة عقب رواية عبّاد، وليس التعليق عند البخاريّ كالموصول، فرواية عباد عنده في ذلك أصل. فالراوي الثقة عند أحمد، وابنه عبد اللَّه، يروي عن الحسن سماعًا منه أنه قال: حدّثنا أبو هريرة إذ ذاك، ونحن بالمدينة، ثم لا ينفرد بتصريح الحسن بالسماع من أبي هريرة، بل يتابعه فيه ثقات آخرون، ممن ذكرنا قبل، وممن نذكر بعد، ثم يقال: ولكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، لا أدري ماذا أقول؟ إلا أن أستغفر لمن صنع هذا، فاخطأ، رحمنا اللَّه وإياهم.

٥ - وروى النسائيّ ٢/ ١٠٤: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم إلى آخر حديث الباب.

ثم عقّب النسائيّ على هذا الحديث بقوله: قال أبو عبد الرحمن: لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئًا.

قال ابن شاكر: وهذا هو الاستدراك الآخر بالعسف والتحكم الذي أشرنا إليه آنفًا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين، لا مطعن في أحد من رواته يصرّح فيه الحسن بأنه لم يسمعه من غير أبي هريرة، ثم يقال من غير دليل، ولا حجة: لم يسمع الحسن من أبي هريرة شيئًا.

قال: وكلمة الحسن التي في رواية النسائيّ قاطعة في إثبات سماعه من أبي هريرة، دون حاجة إلى دليل آخر، ومع ذلك فقد تأيّدت صحّتها بما سُقنا من الروايات قبل. وهي ثابتة بهذا النصّ حرفيًّا في طبعة مصر -كما ذكرنا- وفي طبعة الهند ص ٥٤٧ وفي المخطوطتين اللتين عندي، وإحداهما نسخة الشيخ عابد السنديّ، وهي موثقة التصحيح، كما قلنا مرارًا.