للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثابت في منامه، فقال: إني أوصيك بوصيّة، فإياك أن تقول هذا حُلُم، فتضيّعه، إني لما قُتلت أخذ درعي فلانٌ، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرسٌ تستنّ (١)، وقد كفأ على الدرع بُرْمة، وفوقها رَحْلٌ، فَأْتِ خالدًا، فمُرْه، فليأخذها، وليقُل لأبي بكر: إن عليّ من الدين كذا وكذا، وفلانٌ عتيقٌ، فاستيقظ الرجل، فأتى خالدًا، فأخبره، فبعث إلى الدرع، فأُتي بها، وحدّث أبا بكر برؤياه، فأجاز وصيّته. ورواه البغويّ من وجه آخر عن عطاء الخراسانيّ، عن بنت ثابت بن قيس مطوّلاً (٢). ليس له رواية عند المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وإنما أورده خلال هذه القصّة، وأخرج له في "عمل اليوم والليلة"، وله حديث واحد في "صحيح البخاري"، وحديثان عند أبي داود.

(وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ) أي إلى أداء صلاة الصبح جماعةً في المسجد (فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْل عِنْدَ بَابِه) أي باب رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (فِي الْغَلَسِ) بفتحتين: أول الصبح حتى ينتشر في الآفاق، وكذلك الْغَلَس -بالباء- وهما سواد مختلط ببياض وحمرة، مثل الصبح سواء. وفي الحديث الصحيح: "كان يصلي الصبح بغلس": ظلمة آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح. أفاده في "اللسان" (فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ هَذِهِ؟ "، قَالَتْ: أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "مَا شَأْنكِ؟ ") استفهام عن سبب حضورها في وقت لا يليق لمثلها أن تخرج من بيتها (قَالَتْ: لَا أَنَا، وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ) أي لا يمكن الاجتماع بيننا. قال السنديّ: يحتمل أن "لا" الثانية مزيدة، والخبر محذوفٌ بعدهما: أي مجتمعان، أي لا يمكن الاجتماع. ويحتمل أنها غير زائدة، وأن خبر كلٍّ محذوف، أي لا أنا مجتمعة مع ثابت، ولا ثابت مجتمعٌ معي انتهى (لِزَوْجِهَا) اللام للتبيين، أي قالت هذا الكلام لأجل زوجها (فَلَمَّا جَاءَ ثَابتُ بْنُ قَيْسٍ) - رضي اللَّه عنه - إلى مجلس رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ، قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ") أي من الشكوى منه من أنها تُبغضه، وفي رواية أنه كسر يدها (فَقَالَتْ: حَبِيبَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي) تعني المهر الذي دفع لها حينما تزوّجها

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: لِثَابتٍ: "خُذْ مِنْهَا") أي ما أعطيتها، فالمفعول محذوفٌ، وفيه جواز أخذ جميع ما أعطاها من المهر، وفيه اختلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه في مسائل الحديث التالي، إن شاء اللَّه تعالى (فَأَخَذَ مِنْهَا، وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا) أي لأنه لا سكنى لها. ولم يذكر في هذه الرواية الأمر بطلاقها، وقد اختلف العلماء، هل الخلع فسخ، أم طلاق، وسيأتي تحقيق ذلك في مسائل الحديث التالي، إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى


(١) أي تمرح، وتتبختر.
(٢) "الإصابة" ٢/ ١٥.