فيكون الوهم وقع في اسمها، أو يكون مريم اسمًا ثالثًا، أو بعضها لقب لها.
[والقول الثاني]: في اسمها أنها حبيبة بنت سهل، أخرجه مالك في "الموطّإ" عن
يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن حبيبة بنت سهل، أنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شَمَّاس، وأنّ رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - خرج إلى الصبح، فوجد حبيبة عند بابه في الغلس … الحديث. وأخرجه أصحاب السنن الثلاثة، وصححه ابن خزيمة، وابن حبّان من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود من طريق عبد اللَّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، "عن عمرة، عن عائشة، أن حبيبة بنت سهل، كانت عند ثابت … ". قال ابن عبد البرّ: اختُلف في امرأة ثابت بن قيس، فذكر البصريّون أنها جميلة بنت أُبيّ، وذكر المدنيّون أنها حبيبة بنت سهل.
قال الحافظ: والذي يظهر أنهما قصّتان وقعتا لامرأتين لشهرة الخبرين، وصحّة الطريقين، واختلاف السياقين، بخلاف ما وقع من الاختلاف في تسمية جميلة، ونسبها، فإن سياق قصّتها متقاربٌ، فأمكن ردّ الاختلاف فيه إلى الوفاق، قال: وسأبّين اختلاف القصّتين عند سياق ألفاظ قصّة جميلة.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- من تعدّد القضتين هو الذي يترجّح عندي. واللَّه تعالى أعلم.
وقد أخرج البزّار من حديث عمر، قال:"أوّل مختلعة في الإسلام حبيبة بنت سهل، كانت تحت ثابت بن قيس … " الحديث.
قال الحافظ: وهذا على تقدير التعدّد يقتضي أن ثابتًا تزوّج حبيبة قبل جميلة، ولو لم يكن في ثبوت ما ذكره البصريون إلا كون محمد بن ثابت بن قيس من جميلة، لكان دليلاً على صحّة تزوّج ثابت بجميلة.
[تنبيه]: وقع لابن الجوزيّ في "تنقيحه" أنها سهلة بنت حبيب. قال الحافظ: فما أظنّه إلا مقلوبًا، والصواب حبيبة بنت سهل. وقد ترجم لها ابن سعد في "الطبقات"، فقال: بنت سهل بن ثعلبة بن الحارث، وساق نسبها إلى مالك بن النجّار، وأخرج حديثها عن حمّاد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، قال:"كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس، وكان في خُلُقه شدّة"، فذكر نحو حديث مالك، وزاد في آخره: "وقد كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - هَمّ أن يتزوّجها، ثم كره ذلك؛ لغيرة الأنصار، وكره أن يسوءهم في نسائهم. انتهى (١).