للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَتَتِ النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ) وفي رواية إبراهيم بن طهمان، عن أيوب عند البخاريّ تعليقًا، ووصلها الإسماعيليّ: " جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شمّاس الأنصاريّ". وفي رواية سعيد، عن قتادة، عن عكرمة في هذه القصّة: "فقالت: بأبي وأمّي"، أخرجها البيهقيّ.

(أَمَا) أداة استفتاح وتنبيه، بمنزلة "ألا" (إِنِّي مَا أَعِيبُ عَلَيْهِ) من العيب، يقال: عاب المتاعُ عيبًا، من باب سار، فهو عائبٌ، وعابه صاحبه، فهو مَعِيبٌ، يتعدّى، ولا يتعدّى. قاله الفيّوميّ.

وفي رواية البخاريّ: "ما أعتب عليه". قال في "الفتح": بضمّ المثنّاة من فوقُ، ويجوز كسرها، من العتاب، يقال: عتبت على فلان أَعتب عَتْبًا، والاسم الْمَعْتِبَة، والعِتَاب: هو الخطاب بالإدلال. وفي رواية بكسر العين المهملة، بعدها تحتانيّةٌ ساكنة، من العيب، وهي أليق بالمراد انتهى (فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ) بضمّ الخلق المعجمة، ويجوز إسكانها، أي لا أريد مفارقته لسوء خلقه، ولا لنقصان دينه. زاد في رواية: "ولكنّي لا أطيقه"، كذا فيه لم يذكر مميّز عدم الطاقة، وبيّنه الإسماعيليّ في روايته، ثم البيهقيّ، بلفظ: "لا أطيقه بغضًا". وهذا ظاهرٌ أنه لم يصنع بها شيئًا، يقتضي الشكوى منه بسببه، لكن تقدّم من رواية النسائيّ أنه كسر يدها، فيحمل على أنها أرادت أنه سيء الخلق، لكنّها ما تعيبه بذلك، بل بشيء آخر. وكذا وقع في قصّة حبيبة بنت سهيل عند أبي داود أنه ضربها، فكسر بعضها، لكن لم تشكه واحدةٌ منهما بسبب ذلك، بل وقع التصريح بسبب آخر، وهو أنه كان دميم الخلقة، ففي حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عند ابن ماجه: "كانت حبيبة بنت سهلة عند ثابت بن قيس، وكان رجلاً دميمًا، فقال: واللَّه لولا مخافة اللَّه، إذا دخل عليّ لبصقت في وجهه". وأخرج عبد الرزّاق، عن معمر، قال: "بلغني أنها قالت: يا رسول اللَّه بي من الجمال ما ترى، وثابتٌ رجلٌ دميمٌ"، وفي رواية معتمر بن سليمان، عن فُضيل، عن أبي حريز (١)، عن عكرمة، عن ابن عبّاس: "أول خلع كان في الإسلام امرأة ثابت بن قيس، أتت النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فقالت: يا رسول اللَّه، لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدًا، إني رفعت جانب الخباء، فرأيته أقبل في عدّةِ، فإذا هو أشدّهم سوادًا، وأقصرهم قامةً، وأقبحهم وجهًا، فقال: "أتردّين عليه


(١) أبو حريز بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء، آخره زاي معجمة، هذا هو الصواب، ووقع في "الفتح" أبو جرير، وهو تصحيف، وهو عبد اللَّه بن الحسين الأزديّ البصريّ، قاضي سجستان، مختلف فيه، والحقّ أنه ثقة، وثقه ابن معين، وأبو زرعة، وغيرهما. راجع ما كتبه العلامة أحمد شاكر على "تفسير الطبريّ" ٤/ ٥٥٣.